كل ما يكتبه الموتي في وصاياهم , كل ما يصطحبوه لقبورهم , غير منطقي!
هو إمتداد حضورهم السابق , رغبتهم العفوية في التعامل مع الموت باعتباره خبرة دنيوية يمكن هزيمتها بقوانين الأحياء ……!! ,
في فيلم ” عصافير النيل ” تتوسل العجوز لزوجها أن يمد تيار كهربي و ينير قبرها بلمبة , هي تخشى الظلمة و لا تجيد النوم فيها .
” عبد الله بن الزبير ” يخبر أمه هامسا أنه لا يخش الموت إنما يخش التمثيل بجسده فتفند أمه هواجسه غير المنطقية أن لا يضير الشاة سلخها بعد ذبحها , كيف يقلق من فعل لن يجابهه بحواسه الدنيوية , لن يكون حاضرا خلاله؟
أكثر ما أخشاه في قبري هو خوف دنيوي و لا منطقي كذلك , خوفي من الأماكن المغلقة الضيقة , لن يكون قبري كذلك , سيكون حديقة واسعة مفتوحة .
فوق قلبي ستكون دعوة مفتوحة لزراعة حديقتي ❤ ❤
جزء من الحديقة لنبتة الصبار , لا يحب الوحدة لكنه يجيد البقاء وحيدا , يتوق للعناق و لا تجرؤه أشواكه علي الإقتراب , هذه سيزرعها كل من أردت حبهم و لم أجد شجاعة كافية , كل من وددت القرب منهم و لم أجد وقتا كافيا , كل من كتبت لهم رسالة إفتراضية و حفظتها ظنا أن هناك يوما آخر أكثر مناسبة لألقي التحية ❤
جزء من الحديقة لأشجار الزيتون , تنمو ببطء و لكنها مباركة تبقي لألف عام , سيزرعها كل من أحبني محبة خالصة رغم ما أنا عليه , من أكمل معي للنهاية , للصديق الذي كان جمهوري الوحيد في مسرح مهجور و مسرحية مملة و مع ذلك صفق مشجعا لأكمل ❤
,
جزء من الحديقة لأغصان اللبلاب , التي تجد طريقها دوما للصعود , سيزرعها كل من خذلتهم لتكسو شرفات الإنتظار المهجورة التي بقوا فيها ينتظروا حضوري و لم آت , الذين أحبوني أكثر و لم أفعل , اللبلاب رسولي المعتذر ❤
جزء من الحديقة لأشجار الكرز , سيزرعها كل من أحببتهم ولم يحبوني بما يكفي , جميلة و مورقة تسر الناظرين لكني لا أصلها أبدا إلا في الخريف , كل أوراقها ذابلة و كل فروعها تجهز لحكاية أخري و فصل آخر لن أكون جزءا منه أبدا مهما تمنيت
,
ستتحد ذراتي مع نباتات ستحيا طويلا , شاهدة علي حياة لم تكفِ , علي إعتذارات لم أقدمها , علي قصص جميلة ستخلد ألف عام و قصص تمنيت حدوثها
ربما لن أخشى الموت عندها , بل سأخشي إنقطاع الحاضرين عن سقاية روابطهم معي ❤
تدوينة عالفيس بوك
حسام الدين