عادت روحى الى نفسى بعدما ارتحلت عنها سنوات طويلة ، كم بحثت عنها فلم أجدها ،ولم أهتدى الى مكانها ، ولم يدلنى أحد على سبيل الوصول اليها ، لم ترشدنى اليها صلاة أو صوم أو قيام ليل وكثرة دعاء وعظيم أبتهال وبكاء
عادت فجأة وكأنها على موعد مع نفسى وكم ظل هذا الموعد مخفيا خلف أستار الغيب ، وفى علم المقادير ، حتى حان الأجل وكان اللقاء ، ما أجمل اللقاء ، ما أروع أن يأتى قبل فوات الأوان ، لقاء الأقدار خير من ألف ميعاد هكذا يقولون ، ربما ذاقوا حلاوته … وربما لا … أما أنا فذقت حلاوته وأرتشفت حتى أرتويت ، لم يعد يذكرنى أحد بوقت الصلاة ، أصبح المؤذن يقف على منبر قلبى ، فتجيب نفسى وقلبى وجوارحى ، لم يعد أحد يوقظنى لصلاة فجر أو لقيام ليل ، فقلبى أصبح فى يقظة دائمة وحركة دائبة يدور فى فلك الرحمن
لم أعد فى حاجة الى نصح بكف الأذى أو غض البصر أو ترك النواهى ، لم تعد جوارحى فى حاجة الى ذلك فهى مشغولة بملكوت يكشف لها الأسرار ويبهرها بنور الخالق الجبار … فذابت وسجدت وحمدت الواحد القهار
لم أعد فى حاجة لحلف خلف كل كلام ، فاللسان صار معقود على الصدق بذكر الله ، لم أعد فى حاجة لزاد أو زواد ، لمال أو بنين أو زوج أو أى شئ كان وسيظل الى زوال
أنا اليوم التائب العائد الجالس تحت أستار الكعبة باكيا نادما ناعما بحب الله ، زائرا أعتاب بيت رسول الله