كل يوم وعلى مدى عشر سنوات واكثر ، تفتح نافذتها وتنظر إليه على البعد وتبتسم له وهو يبادلها الابتسام ، وربما تراءى اليها أنه يحدثها .
تصحو كل يوم وهى متلهفة لرؤيته رغم بعدالمسافات وعدم وضوح الرؤيا لأنها بالكاد تستطيع أن تراه لأنها فى بناية تبعد عنها الكثير ولكن لارتفاعها تراه فى النافذة، وكأنه منتظرا اياه ليبتسم فى وجهها ؛ فتتغير حياتها كلها .
كم من احلام نسجتها معه وكم من امال علقتها عليه ، وكم من غد تخيلته وهو معها وهى معه . تصورت حياتها معه وكيف ستعيش مع هذا الجمال المرسوم على وجهه والطيبة التى تتضح فى نظرته اليها . فى حياتها معه والتى بدأت منذ أن كانت فى المرحلة الاعدادية وعندما رأته فى نفس النافذة تأكدت انها له وهو لها ؛ وبأنه سيجهز نفسه من اجلها ولكى يكون زوجها ، لم تعرف شىء عنه سوى أنها احبته عن طريق النظرات والانتظار اليومى صيفا وشتاء فى الحر الشديد والبرد الاشد .
انهت الجامعة وعملت بعدها وهى كما هى حالمة به منتظرة اياه تقف وقتما يقف فى النافذة ؛ تبتسم كلما ابتسم ؛ وتتلهف لسماع مايقوله؛ ولاتعرف عنه شيئا سوى بتحرك شفتيه بحديث تقول لنفسها انه يقوله لها ، اقتربت من الثلاثين من عمرها ترفض كل من يتقدموا لها لأنها فى انتظاره ، ومع القلق والترقب تتخذ قرارها بأن تذهب اليه وبالفعل تقطع شوطا طويلا حتى تصل الى مسكنه وتسأل عنه ، ويقول لها حارس العقار حضرتك بتسألى على استاذ عاصم الذى يعيش فى اخر دور فى العمارة ؟
فتقول له على استحياء لأنها لاتعلم اسمه ، اه اللى دايما واقف فى الشباك ده ، فيقول لها والله ياهانم استاذ عاصم ده مسكين ابوه وامه ماتوا ومن يومها ياعينى يقف فى الشباك يكلمهم وينادى عليهم ماهو مسكين ياولداه ضرير مبيشفش وهمه كانوا عيونه اللى بيشوف بيهم وياعينى الاتنين ماتوا مع بعض ، صحينا فى يوم على صراخه وهو بيصحيهم ومش عاوزين يصحوا ومن يومها وهو على دى الحال يقف فى الشباك ينادي عليهم ويكلمهم وقافل على نفسه لابيكلم حد ولاحد بيزوره ولابيقول هو مين ده حتى الشغل مبقاش يروحه وصحابه بييجوا كل شهر يدوه فلوس واهل العماره هنا ربنا يبارك لهم متكفلين بأكله وشربه ولبسه وبيسألوا عليه ماهم خايفين ليعمل حاجه فى نفسه اويموت ومحدش يحس بيه ..
وتركته وصعدت السلم ووصلت اليه وطرقت الباب بعنف وخرج اليها متساءلا عن الطارق فقالت له انا امل انتظرتك كثيرا وعندما لم تأت جئت اليك فهل ترضى بى زوجة لك ورفيقة لك فى حياتك القادمة …..