الرئيسية / مقالات / الإعلامية كريمة أبو العينين تكتب…ومات الجن..!!

الإعلامية كريمة أبو العينين تكتب…ومات الجن..!!


كان مؤمن منذ صغره لايهدأ ولايجلس فى مكانه لدقائق معدودة فهو لديه فرط حركة وانتقال من مكان لاخر بسرعة فائقة وخفة بالغة جعلت اهل منطقته يطلقون عليه لقب الجن ومع الوقت لم يعد احد يناديه باسمه فقد صار الكل ينادونه بالجن حتى امه نادته بهذا الاسم الذى صار ملاصقا له فى المنطقة والمدرسة .

فى اثناء سنين دراسته التى ثابر فيها وتحمل الصعاب لرغبته فى ان يخرج من هذه الظروف القاسية فابيه موظف فى البلدية وامه ربة منزل طيبة القلب وحلوة الملامح رغم كثرة انجابها من ابناء وبنات اقتربوا من ان يكملوا دستة كلهم يعيشون فى شقة مكونة من غرفتين وصالة .

الجن اختار ان يكمل تعليمه وارتضى ماقاله له ابيه بأنه لن يستطيع ان يقدم له مايريده من اموال لاستكمال التعليم الجامعى واكد له اذا كنت تريد ان تكمل تعليمك فعليك ان تعمل لتوفر نفقاتك فيكفينى ماانا فيه من تحمل نفقات هذا الطابور الذى لايعرف الشبع ابدا واشار الى اخوته المنتشرين فى كل بقعة من الشقة .

عند حصوله على مجموع كبير فى الثانوية العامة اختار الجن كلية من كليات القمة لانه كان يرى نفسه نجما من نجوم المجتمع فى المستقبل ؛ خلال سنوات الدراسة واصل الجن سياسته من خفة الحركة والروح مما جعل اساتذته يقربونه اليهم مما شجع الجن لان يضيف الى قاموس معاملاته الانحناء وحمل الحقائب واظهار فروض الولاء والطاعة والتمجيد لكل من يعتلى كرسى ومنصب ولمن تحوى جيوبه الاموال ولديه الجاه والسلطان ؛ كان الجن يوزع وقته بين الدراسة والبيع فى المترو ومحطات القطارات كى يوفر نفقات دراسته وملبسه ومأكله ؛ حتى عندما كان يراه اصدقاءه او حتى المعيدين فى كليته الشامخة كان يستطيع بذكاء وخفة ان يجعلهم يتعاطفون معه ويدعمونه ويدافعون عنه. فور انتهاءه من دراسته استطاع بطريقته ان يلتحق بوظيفة مرموقة فى مكان من اماكن اظهار النجوم وتلميعهم واستطاع بمعارفه ايضا الحصول على معافاة من اداء الخدمة العسكرية .

فى سرعة البرق ووفقا لسياسته الانحنائية وحمل حقائب المديرين واظهار الولاء والطاعة والتصفيق والتمجيد لهم علا نجم الجن وارتقى وحقق فى سنوات معدودة مالم يحققه غيره من تقدم وازدهار . لم يكن الجن جاحدا ناكرا لاهله بل كان بارا بهم الى ابعد الحدود فقد فاض عليهم من نهر عطاءه وانتقل بهم من عشش كانوا يعيشون فيها الى بيوت فارهة ؛ الحق اخوته الصبية باعمال محترمة والاخرين افتتح لهم مشروع والبنات تكفل بنفقات زيجاتهم كلها ؛ اما ابيه وامه فقد قام بتحمل نفقات سفرهما لاداء فريضة الحج السياحى حتى يتمتعا باداء المناسك بيسر وسهولة لكبر سنهما وصعوبة حركتهما .

كل ماتمناه تحقق حتى زواجه تم كما اراد من فتاة جميلة سليلة حسب ونسب راوا فيه نموذجا جليا للتحدى والطموح . .

الجن كان حزينا دوما لم ينسى يوم تقدمه للعمل فى الحقل الدبلوماسى ونجاحه فى كافة الاختبارات ماعدا اختبار لايد له فيه ولا جريرة كونه ابن لاسرة معدومة ومصنفة بأنها ضمن العالم الثالث او المعذبين فى الارض او ملح الارض وايا كان مسماها او تصنيفها الا انها غير مسموح لها ان تعيش كما يعيش الصفوة او كريمة المجتمع..

حاول الجن ان يخرج من هذا الحزن ومن هذه الوضعية الا انه لم يستطع فقد قتله احساسه بأنه شيء فى هذا المجتمع وبان كل مايفعله لن يمكنه من تغيير جلده وقبول الاخرين له .

بين رغبته وحاله زادت الهوة والحزن لتصحو اسرته على خبر انتحاره وتركه قصاصة مكتوب فيها : مع يقينى ان الجن لم يموت فقرا ولا الما الا انه مات منبوذا مقهورا من داخله ؛ اغفر لى ياربى وادعيلى ياامى وليسامحنى الكل واولهم زوجتى وابناى .

عن admin

شاهد أيضاً

هبة علي تكتب..الحب في بيت النبوة…

أحب كثيرآ مطالعة سيرة النبي عليه الصلاة و السلام و صحابته الكرام ، و أحب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *