اتذكر وانا طفله ان سألت ابواى عن عمرهما فقالا لى ان عمرهما يزداد بأعمارنا نحن ابناءهم .
وبتصرف طفولى جمعت عمرى وعمر اخوتى الخمسة واضفته على عمر ابواى تقديريا وجريت اليهم وانا سعيدة بمعرفة حقيقة عمرهما ،
فضحكت امى حتى ارتمت على الاريكة وقالت ؛ كده انا بقيت من الفراعنة المفروض تحنطونى ؛. ونظر ابى وقال لى جمعتى عمرى وعمر امك واخواتك عشان تعرفى سننا كام ، سننا الحقيقى ان انتم متشوفوش حزن ولا الم .
اذكر حينها اننى سألت ابى عن معنى الحزن ؟
فرد وعينيه مليئة بالدموع : بان معنى الحزن يتجلى فى فقدان الاحبة وان قمة هذا الحزن ان تفقد ابنا وتوابعه فقدان الاخوة وشدته بفقدان الابوين .
مضت بى الدنيا وذقت حزن الفقد بأشكال شتى ؛ ولكن القيت باللوم على ابى لانه لم يشرح لى ولم يذكر لى كم هو عمر الحزن ؟
وهل مثله مثل اعمارنا يولد ضعيفا فيكبر ، فيزداد قوة ثم يهرم ويشيب فيموت ، ، وبموته تنتهى الامنا واحزاننا..
ابى علمنى معنى الحزن واصاباته ولكنه لم يقل لى متى ينتهى الحزن ، هل كان ابى يعلم ان الحزن سرمدى وانه لايكبر ولايشيب ولايموت؟
كل ماذكره ابى عن الحزن حقيقى وواقعى ولكن يبدو ان ابى كان سقراطا معى يمارس معى ابوته بذكاء ويفلسف مكنون الحياة لى بحب حتى لاافزع فى هذه الحياة ، ليجعل منى كائن قادرا على تحمل تبعات الزمن واحزانه ؛ اتساءل الان واسأل كل من كان يعرفهم ابى عن حقيقة عمر الحزن اذ وربما يكون ابى قد تحدث معهم وأفشى بالسر وعلم متى تكون نهاية الحزن ؛. ومتى تسرى السعادة ، ومالمطلوب منا كى لانذوق طعم الحزن؟
وهل هناك ثمة سلاح او طريقة او وسيلة نقتلع بها الحزن من جذور اعمارنا وجوانب حياتنا ؟ وهل الحزن والسعادة اعداء وفى حرب دائمة وان السعادة قصيرة النفس فلاتستطيع مواجهة الحزن فيتمكن منها ويلقيها جانبا ويدخل الى قلوبنا ويعشش فيها ؟
وايضا يمكن سؤال اخر هل لو لم يكن فى الدنيا حزن كانت قلوبنا ستظل فرحة سعيدة ام انها كانت ستصبح قاسية ؛ لان ذلك المارد المسمى حزن هو الذى يجعلها تخشع وتلين وتصبح فى حالة من تقبل اقدار السماء والاستعداد لطى صفحات العمر واستقبال الابدية بقلب خاشع راض مسلم امره لله ..
اسئلة كثيرة كنت اود ان يكون ابى على قيد الحياة ليجيبنى عليها بدلا من تركى اتلقى اجابات قاسية من ايام تعبة وحياة حزينة !!!