لم تكن صاحبة حظ سعيد فى عافيتها فقد ابتليت منذ كانت فى الثانية من عمرها بمرض شلل الاطفال اللعين الذى اقعدها عن الحركة وتحملت اسرتها طريق طويل فى المستشفيات من اجل محاولة اعادتها إلى أن تكون طبيعية الحركة وأكم من عمليات جراحية .
ومايعقبها من الام جسدية ونفسية تفوق تحمل طفلة وتحيل حياتها وحياة المحيطين بها إلى معاناة والام وصراخ .
اهلها كلما يسمعون عن مكان او دكتور فى يده العلاج يهرعون اليه ويحملونها معهم وكل طبيب وكل مستشفى تخضعها لعلاج وجراحة وكأنهم يتعلمون فيها وتصبح مادة دراسية اكثر من كونها حالة بشرية تحمل مشاعر وامال فى هذه الدنيا ، وسط هذا المطاف يرى ابيها وعمها ان ذهابها إ لى المدرسة بمثابة الابتلاء الذى يجب ان يستر وعليه يقررا عدم الحاقها بالمدرسة اقتناعا منهما بحكمة مفادها اذا بليتم فاستتروا .
وتكبر نادية وتبلغ وتصبح انسة جميلة بل فاتنة الجمال وتضيق ذرعا بالبيت وتريد أن تخرج وتعمل وهنا تساعدها اختها بكتابة خطاب إلى مدير احدى الشركات القريبة من بيتهم وتطلب منه بإسم أختها أن يعطيها فرصة الخمسة فى المئة الذين تقر بهم الدولة من ذوى الاحتياجات الخاصة للعمل فى هذه الشركة التى كانت تصنع الادوية والمستلزمات الطبية وقد كان الرجل كريما جدا فوافق وطلب منها استكمال مسوغات التعيين لتتسلم بعدها العمل ولتنتقل إلى حياة اخرى حيث الاصدقاء والاصحاب والعمل والخروج من المنزل والتعرف على عالم اخر ودنيا اخرى نالت فيها نادية محبة الزملاء واكتسبت خبرات لم تكن لتحصل عليها اذا واصلت حياتها فى المنزل الكبير حيث الاخوة الكثيرين والاب والام الطيبين .
فى عملها كانت مثال للاخلاق العالية والتفانى فى العمل ولفتت انتباه الكل لقدرتها على التحدى واثبات كون انها وان كانت ترتدى جهاز للمشى إلا أنها تملك قلبا وعقلا يتحديان العالم كله ، اخلاق نادية وجمالها طوعا لها قلوب كثيرين وطلبوا منها التقدم لاهلها والزواج منها ولكنها كانت قد عقدت العزم الا تتزوج لاقتناعها بأن الرجال يتزوجون النساء الاصحاء ومع ذلك يخونوهم او يرهقوهم منزليا ونفسيا فمابالك هى ..!!
قاومت كثيرا احساس قلبها بالحب وعندما رضخت لهذا الاحساس ووافقت على جار لها كان هائما بها إلا أن أمه سامحها الله عارضت واعترضت وجاءت لأمها وطلبت منها أن ترفض وأنها كأم لاترضى لإبنها المعافى أن يتزوج من معاقة .
وللاسف نجحت الام فى ايقاف هذه الزيجة ولصبغة حياة نادية بلون الحزن والمضى قدما فى حياتها بلا أليف ولا أنيس تعيش فقط من اجل ابناء اخواتها كلهم وتتولى تربيتهم والاعتناء بهم ، وبعد فترة طويلة فى العمل تقرر نادية أن تعود الى البيت وأن تخرج من العمل ضاربة بعرض الحائط كل النصائح بالا تقدم على هذا القرار ، وتواصل نادية حياتها سعيدة برصيد من ابناء اخواتها وابناءهم وذكريات جميلة وعزيمة قوية تقهر بها متاعبها الجسدية وبايمان قوى بالله بان ابتلاءها بشلل الاطفال رصيد وفير لها فى الجنة وهكذا تعيش وترتب حياتها وتواصل ايامها ..