فى مقبرة الحياة تذكرته عندما قال لها وهو صغيرا : لم اعد اشعر بأية احاسيس ، لم اعد احب او اكره او اهتم ، كل ما أشعر به ان قلبى مات واننى بلا قلب ، انا اشعر بشىء ما يغير حياتى ويغيرنى، كل يوم اصحو وانا كلي امل ان يعود قلبى للحياة ، ان اشعر بأية تغييرات طرأت على قلبى ، ولكنى اعود من حيث بدأت ويمضى يومى بلا ادنى تغيير وبلا شعور حتى لو كان كرها….
الانسانة الوحيدة التى اشعر بها هى امى فكل ثانية ازداد حبا لها وتعلقا بها وكأن شيئاً ما سيأخذنى منها ، ولذا فأنا على الرغم من كوني فى السادسة عشر من عمرى وازيدهم بأشهر الا اننى اشعر بأننى طفل اتشبث بها وامسك فى تلافيف ماتلبسه وألح عليها الا تتركنى وهى تضحك وتظن ان ذلك دلالا منى وهى لاتعلم اننى اشعر بالفناء وباننى اريد ان اشبع منها فى طريق جفاء مشاعرى الذى لا ادرى الى متى سيستمر، كنت قبل هذا الاحساس الغريب الذى انتزع منى قلبى وصار لا يشعر باى شعور فى الدنيا سوى احساسى نحو امى ،كنت قبل ذلك احب زميلة لى فى المدرسة وهى ايضا…
صارحت امى بهذا الاحساس….
كم كانت سعادتها وهى تضحك وتقول :كبرت ياحبيبى وعرفت الحب ، بعكس ابى عندما علم انتقد ذلك الشعور..
ووصفه بالشعور العيالي..
الذى لامحل له من الاعراب…!!!
ووجهني بأن اركز فى دروسى ومستقبلى الدراسى الذى ينتظرنى ، على الرغم من ان ابى كان جادا وعلى يقين الا اننى نفرت من ردة فعله واسعدتنى ردة فعل امى التي اشترت لى دبلتين فضة وقالت لى وهى تطير فى السماء من الفرحة اعطها دبلة والاخرى لك وتعاهدا على الوفاء وحافظ على محبتك وحبها ، وفجأة داهمنى هذا الشعور المحبط ولم اعد اشعر نحو زميلتى باى شىء بل اننى شعرت بالذنب تجاهها وتجاه نفسي لماذا احملهما الاثنين نفسى وزميلتى تبعات احساس قد لايعيش طويلا وقد يهزمه الزمان بتغييراته ومشاكله ، بل اكثر من ذلك شعرت ان حبى لزميلتى حرام لانه مكنون بداخلى ولا استطيع ان اعلنه وان كل مالايعرفه الناس ويصبح واضحا فهو حرام ، وصارحت امى وحزنت وقالت لى وهى تتألم : ياحبيبى كلنا عشنا مرحلة الحب الاول واحلى مافى الحياة ان تعيش كل مراحلها…
لم اقتنع بكلام امى او ربما الشعور الجديد الذى انتابنى جعلنى رافضا لكل شىء ، انهيت علاقتى بزميلتى ولم أعرها اهتماما ورفضت توسلاتها وبكاءها ومطالبتها بالاستمرار واصرارها على بقاء دبلتى فى يدها وحلفها لى باغلظ الايمان انها لن تحب غيرى ولن ترتبط بغيرى مهما كان وصار ….
كنت على مقربة من الاعتراف لها بما طرأ وجد على قلبى الذى لم يعد يحزن اويفرح ولا يحب او يكره فقط يتشبث بأمي ويريد ان يشبع منها ومن بحر حبها وحنانها، ولكنى تراجعت خوفا من استهزاءها بما ساقوله لها وربما خوفا من ان تصفنى بابن امه..
والان وفى مقبرة الحياة تتذكر هى الان حينما قال لها كل هذا انه كان على مقربة من الموت وان من يقبل على الموت اول مايموت فيه هو قلبه ….
فى مقبرة الحياة وقفت على قبره تبكي وتقول : ليتنى كنت اعلم انك ستفارقنى قريبا لهذه الدرجة…!!
لكنت انا التي اقتربت منك ورويت أمومتي من نهر حبك ….