سنوات طوال قضتها مايسة وهى تحاول ان تنسى حبيبها وتطوى صفحتها معه وتعيش من جديد الا انها فشلت بنجاح فكلما سعت لبدء حياة جديدة مع غيره ممن يطرقون بابها متمنين موافقتها بأن تصبح الشريكة والرفيقة فى كل مرة تراه ناظرا اليها معاتبا اياها على ان تسمح لاى انسان غيره ان يلمس جزء من حسدها الجميل الذى كان الكل يحسدها عليه وعلى جمال طلتها وحلاوة روحها وانوثتها الطاغية التى ابهرت بها كل اهالى مدينة المنصورة؛ كبيرا وصغيرا فيها ؛
فمنذ ان اصبحت شابة والكل متعلق بها ويتمنى ويدعو الله بأن تكون من حظه ونصيبه ، ولكن مايسة لم تحب الا هو هشام جارها وزميلها فى الدراسة وان كبرها باعوام ليست بالكثيرة .
سنوات الثانوية العامة قضتها ساهرة فى حبه وكلما التقت به ليذاكر لها دروسها العلمية التى كان متفوقا فيها لانه طالب فى كلية الطب وينجح بامتياز كل عام وهاهو يقترب من التخرج كلما التقته تزداد حبا له وتعلقا به وهو ايضا لايرى فى الدنيا كلها الا هى يسابق الزمن كى ينهى دراسته وفترة تجنيده ويتقدم لاهلها طالبا اياها للزواج والسفر الى الخارج لبدء حياة جديدة تملأها مايسة بالحب ويكللها هو بالعمل والاجتهاد لتحقيق كل ماتحلم به محبوبته وتتمناه .
كانت مايسة ابنة وحيدة فى اسرة كادحة مكونة من ابوين وخمسة ذكور لم يكن لاحد منهم حظ فى التعليم العالى فمنهم من حصل على الدبلوم او المعهد ومنهم من اكتفى بالاعدادية وكلهم خرجوا لسوق العمل مبكرين منضمين الى ابيهم البائع المتجول ، هذا الاب منذ ان كبرت ابنته ووجد فيها ضالته وطوق نجاته من الفقر ولما لا فهو يرى ويسمع نظرات وكلمات الاعجاب ومعاملة كل البشر له التى تغيرت بعدما نضجت ابنته وصارت مطمع ومقصد لكل الخطاب والخاطبين ؛ ولكن هذا الاب لم يكن مسعاه زواج ابنته من هؤلاء الخطاب بل كان هدفه تزويجها بثرى خليجى ينتشلهم من الفقر والعوز والحاجة ويضع اقدامهم على طريق الثراء والفخر والتفاخر ويطوى ماضيهم المثقل بالهموم والديون .
لم يعر اهتمام مايسه بهشام ولا مايتحدث به اهل المدينة عن هذا الحب وعن ارتباط الفتاة بالفتى ورؤيتهما معا فى كل مكان فقد كان فى شغلة اخرى وهى البحث عن هذا الثرى العربى عن طريق جارتهم السيدة فاطمة التى تنتمى لاصول تركية ومتزوجة من امير عربى وله منه ابناء ويزورها شهر كل عام ويقال انه عرض عليها الانتقال معه الى بلده ولكنها اثرت البقاء فى المنصورة التى فيها اهلها وذكرياتها كلها ، صارح ابو مايسة جارته برغبته بزواج ابنته من ثرى عربى ورحبت الاخيرة بالفكرة وايدته ووعدته بان تكلم زوجها فى هذا الامر حينما يعود قريبا ، نجح هشام بتفوق كالعادة وانهى دراسته فى كلية ونجحت مايسة بتفقوق فى الثانوية العامة لتلحق بالكلية التى اكمل فيها حبيبها دراسته وتستكمل مسيرتها الدراسية هناك ،اتفقت مع حبيبها على انتظاره حتى ينهى فترةالتجنيد وبعدها يتقدم لخطبتها ، وتعهدت له بانتظاره وبالا تكون لغيره ، وكلما يطرق بابهم عريس ترفض بحجة انها تدرس ولن تفكر فى الزواج الا عندما تنتهى من الدراسة، ويبدو ان رفضها اسعد ابيها حتى يحقق امنيته فى تزويجها من الثرى المنتظر ، وتحققت رغبة ابيها واحضرت جارتهم اخو زوجها الثرى ثراء فاحشا طالبا يد مايسة التى سيطرت على كوارحه حينما راها قادمة من الكلية وهو جالس فى شرفة جارتهم جالسا مع اخيه ،فى نفس اليوم الذى جاء فيه الثرى بيتهم طالبا يدها هو نفس اليوم الذى انهى فيه هشام فترة تجنيده وعاد سعيدا ليطلب من مايسة تحديد موعد مع اهلها كى يتقدم لخطبتها ويبدا معها عمرا جديدا سعيدا ، ارتطمت احلام مايسة برغبة ابيها واصراره على ان تتزوج هذا الثرى الذى اكد لها ابوها انه طوق نجاة لكل اسرتها الكادحة ولها ايضا لانه الوحيد القادر على اسعادها وتقديرجمالها وانوثتها التقدير السليم، لم تملك مايسة الا الاصرار على الرفض ومصارحة ابيها بحبها لهشام جارها وانها اتفقت معه على كافة تفاصيل حياتهما الجديدة التى ستبدا من المانيا التى يعيش فيها ابن خال هشام ومهد له استكمال دراسته العليا والعمل هناك وهى معه ، امام اصرار مايسة ودموعها اظهر الاب موافقته ولكنه كان يعد العدة لطريقة دنيئة يبعد بها هشام عن ابنته نهائيا، واستيقظت المدينةعلى صراخ اسرة هشام الذى وجدوه مقتولا
بعدها تركت مايسه المنصورة
وتهرب الى القاهرة ومنها الى المانيا وتعيش هناك فى كنف ابن خال فقيدها وتستكمل دراستها ولاتغفر لابيها فعلته ولاتنسى حبيبها مهما حاولت ….