صفاء حملت إبنها وذهبت لأبيه فى مستشفاه الذى يرقد فيه مريضا عليلا ولايعرف سببا للمرض ولا وسيلة للعلاج خمسة اشهر وهو راقد لاحول له ولاقوة تاركا زوجته وطفله حازم ذو السنتين فى شقته التى هى كل حصيلته من عمله كمحاسب ,
لم يكمل عشر سنوات فى عمله داهمه فى السنة الاخيرة منهم المرض العضال ، دخلت عليه وترسم ابتسامة على وجهها تخفي وراءها حزنا وهما كبيرين عليه وعلى مااصبح عليه ونظرت له وقالت : ماشاء الله عليك انت النهارده زى الفل شكلك خفيت خلاص ونظرت لابنهما وقالت مش كده ياحازم ؟
نظر اليها زوجها وبكى ورأت دموعه تنهمر لاول مرة منذ أن تزوجته فقد كان عصيا قويا لايعرف الضعف ولا الخوف ولا الحزن له طريقا ، قال لها بصوت متحشرج : قلبى معاكى ياحبيبتى انتى صغيره والطريق طويل ومش سايبلك حاجه ده بالعكس سايب معك تعب عاوز يكبر ويتربى ويتعلم…
وقبل أن يكمل كلامه جرت إليه ومسحت دمعه وقالت له : متقولش كده إنت هتخف وترجع معايا تنور بيتك وتربى ابنك ونجيب له اخوات كتير ، ثبتت عينيه فى مآقيهما وأسلم الروح إلى بارئها وهى تظن أنه استجاب لكلامها واقتنع به ورد بالصمت ولاتدرى أنه الصمت الابدى …
خرجت من المستشفى ليس به كما كانت تتمنى وتطلب ولكنها خرجت مشيعة له حيث النهاية وفض الشمل والعيش مع ابنها لوحدهما رافضة كل محاولات الأهل والاقارب بالزواج رغم أنها فى أول العشرينات من عمرها ، اشتغلت فى سنترال قريب من المنزل كي تزيد من دخلها وتساعد غبنها فى مصاريف المدرسة التى أصرت أن تدخله اياها حتى يعيش وسط اقران على درجة من الرقي والاخلاق ..
سنوات دراسته مضت عليها ثقيلة وأخذت منها ومن صحتها الكثير إلا أن فرحتها بنجاحه كانت تنسيها كل متاعبها وارهاقها البدني والنفسب من المتحرشين والفضوليين والباحثين عن المتع الحرام بابغض الطرق والوسائل .
يوم تخرج ابنها من الجامعة وحصوله على بكالوريوس الهندسة كان يوما تاريخيا ففيه كلل الله مجهودها واعانها على استكمال الطريق وهاهو ابنها جميلا مزهوا يحصل على شهادة تخرجه وسط اصدقاءه ناظرا اليها نظرة حب وامتنان .
كانت هى قد رتبت كل شىء وذهبت إلى شركة الراحل زوجها وقابلت المدير وطلبت منه أان يجد عملا لابنها ورحب صاحب الشركة الذى كان صديق زوجها وبارك لها نجاحه وثمن جهودها واعطاها ظرفا كهدية نجاح ولما رفضت قال لها ؛ هاتى بيهم بدله لابننا وهو جاى بكره الشغل .
بشرت ابنها بالوظيفة وكم فرح بها وقبل أمه واحتضنها وبكى على كتفها ووعدها بأنه سيعوضها بكل ماأوتى عن ماعانته في مشوار الحياة وردت عليه بأن سعادتها بأن يعيش سعيدا . ب
عد عام من الوظيفة التى أبلى فيها بلاء حسنا وأشاد الكل به وبحسن اخلاقه وطيب تعامله بعدها اخبرها برغبته فى الزواج من زميلته وأنه اخبرها بأنه سيظل معها فى الشقة ورحبت وأكدت انها ستكون امى الثانية ..
فرحت صفاء بذلك الخبر وجددت الشقة وبكل ماادخرته اشترت عفش جديد واعادت طلاء الشقة بما طلبته العروس وزف ابنها ورفرفت السعادة على قلب أمه وشكرت وحمدت ربها مضت شهور قصيرة عاملتها زوجة ابنها خيرا وبعدهم تغيرت الدنيا ولم تعد ترى على وجه زوجة ابنها غير الامتعاض والقرف وكل يوم حين عودتها من عملها فى السنترال تجد المطبخ مقلوب رأسا على عقب..
وحوضه ملىء بالاوانب والاكواب المتسخة وتطلب منها فوق ذلك إعداد الطعام لأن الذي قمتي باعداده قبل ذهابك إلى العمل خلص..
ابنك كل وانا حامل ومقدرش أقف في المطبخ أغسل مواعين وأطبخ ، كفايه عليا أسعد إبنك ولا إنتى شايفه ايه ؟
تجيبها صفاء بالموافقة وتعمل كل مايطلب منها ولاتفكر حتى فى مجرد الشكوى لابنها حتى لاتعكر صفو حياته وتتحمل مر المعاملة وتجاهل الابن وغض بصره عن تعالي زوجته واحتقارها لإمه وارغامها على أن تكون مجرد خادمة بعد أن كانت سيدة المنزل ..
مضت خمس سنوات وكل يوم فيهم يتباعد اينها عنها وكل همه إرضاء زوجته وصم أذنيه عن أنين أمه من المعاملة ومن التعب فى المنزل وتربية ابناءه الثلاث ..
إلى أن جاء يوم يخبرها فيه بأنه لايجد راحته مع زوجته بوجودك معنا ولذا فهو يطلب من أمه أن تنتقل إلى غرفة على سطوح المنزل أقنع صاحب العقار بأن يخليها من خزين العماره وتعيشى فيها؛ واكمل حواره بأن طلب منها أن تسرع فى شراء كل مايلزمها للعيش هناك .
لم ترد عليه واكتفت بالدموع وحزمت كل مالها واخذت صورته معها وانتقلت إلى العيش كما طلب منها واعانها الجيران وزملاء العمل فى تاثيث المسكن الجديد الذى اكدت لهم أنه من طالبت بذلك لراحة ابنها .
كانت كل يوم تشكي إلى صورة ابنها مافعله بها وتسأله كيف طاوعك قلبك على أن تحرمني منك ومن العيش معك ولماذا لاتأتى إلي وتراني وتسأل عنى ؟؟
كانت تبكى امام صورته وتحتضنها وتضع يدها على قلبها والاخرى على فمها كى لاتخرج دعوة عليه ..