لم يحزن على انفصاله عنها لانه اختاره ومهد له ورسخ له بمببررات واسباب ونتائج ، تركها بكل مالها وعليها نفض يديه منها كلية وتعامل معها على انها الراحلة ، وعلى الجانب الآخر كانت هى تسأل نفسها عن ذنبها واستمرت فى تساؤلاتها واحيانا تسأله هو فيجيبها بمنتهى البلادة واللامبالاة ليعيدها الى وضعيتها الحالية بأنها اصبحت غريبة بالنسبة له وعليه .
يمر الزمان وتستطيع ان تمتص الامها وتقف على قدميها ولكنها لا تنسى مافعله بها وايضا تسلط عليه من لايخاف الله فيه ولا يرحمه وتغدق عليهم بالمال كى يشتتوه ويسلبوا منه راحته وكم كانت تسعد عندما يقصون عليها مايفعلونه به وتلاعبهم به وبعالمه النهم لكل مالذ وطاب من متع الدنيا ونعيمها الحرام ..
يزداد ولعها بالمزيد من ايلامه وتعذيبه فتجعلهم يواصلوا تلاعبهم به حتى يتحقق لها ماتريده ويقضى اعواما فى سجنه ذليلا وحيدا وتتمادى فى تغذية روحها الممزقة مما فعلها بها وتحرص على زيارته فى محبسه طامعة فى ان يقدر لها جميلها بزيارته واحضار مايريده من وجبات وسجاير وملابس وبطاطين استطاعت ان تدخلهم اليه عن طريق من تعرفهم من اصحاب النجوم والنياشين والفئات العليا من المجتمع ..
كل زيارة له كانت تنتظر كلمة شكر ولكنه لم يقلها ولكنها كانت ترى انكسار عينيه وحزن قلبه فكانت تطير الى السماء سعادة وشغفا ، توالت الزيارات الى ان وصلت لمرحلة الفتور وعدم الرغبة فى ان تراه وتنفق عليه فآثرت الابتعاد والاكتفاء بالحديث التليفونى المهرب ايضا .
وبمثل فتور رؤيته وصل اليها فتور سماع صوته والاطمئنان عليه لتجد نفسها فى نقطة بعيدة كل البعد عنه وعن معرفة احواله وعالمه الذى سيقضى فيه سبعة اعوام خططتهم لهم جيدا حتى اصبحوا امرا واقعا..
تلاشى احساسها به وبكل عالمه والتفت لنفسها لتجد انها اوشكت على الاربعين وليس لها ابناء فقد عاشت معه بشروطه بعدم الانجاب كى لاتنشغل عنه بالابناء وليته اسعدها كما كانت تسعى هى لاسعاده ، سارعت خطاها لتكوين اسرة وتزوجت من جار لها ارمل ومعه ابن وحيد كانت تحبه وتعامله بود وحنان وترى فيه ابنها الذى لم تلده ، بعد عام من زواجها انجبت توأما ولدا وبنت اكتملت بهما سعادتها التى غابت عنها طويلا وكثيرا ..
خمس سنوات مع زوجها وهى تسقى حب وحنان وود وتعيش فى اسرة متحابة يمثل فيه ابن زوجها حجر اساس استقرار البيت ولملمة ابناءه فقد كان يتعامل مع اخويه وكأنه ابيهم وليس اخيهم الكبير كان يفعل كل مايسعد زوجة ابيه لانه احبها كأمه الراحلة ووجد فيها اما جديدة عوضته عن فقدان امه الجينينة..
عمر السعادة قصير تلك كانت جملتها التى قالتها حينما تركها الرجل الوحيد الذى احبته وهاهى تقولها الان حينما علمت بخروجه وتهديده لها وتوعده بالانتقام منها لانه علم انها كانت وراء كل المصائب التى المت به كما قال لها ..
فى بادىء الامر اوهمت نفسها بأنه لايستطيع ان يفعل شىء وبأنه لايملك الدليل على انها وراء مشاكله ولكنها مع الوقت استطاع الخوف ان يتغلغل اليها ويشتتها ويملأها رعبا ليس على نفسها ولكن على ابناءها الثلاثة فتصارح زوجها بكل شىء وتؤكد له ندمها على انها لم تلتق به منذ زمن ومن قبل ان يصدمها القدر بمن كان زوجها ومالك قلبها ..
بهدوء غريب يتقبل زوجها كل ماقالته ويلقى اليها بالحل وهو الطلاق مع الاحتفاظ باولاده وتركها تواجه ماوصفه بخسة هذا الزوج السابق مؤكدا انه لاحول له ولاقوة لكى يواجه هذا العدو الكاسر وبأن ابناءه يجب ان يكونوا فى منأى عن اخطاء امهم وطليقها..
وفور خروج زوجها تأخذ ابناءها وتختفى بهم فى بلدة ابيها فى صعيد مصر وتحرص على تلقينهم درسا واحدا وهو ان لايربطوا حياتهم باشخاص فقط يحبوا انفسهم ويعيشوا من اجلها….