داليا كانت سليلة اسرة دبلوماسية من المهد إلى اللحد فأبيها وجدها وأعمامها كلهم عملوا فى السلك الدبلوماسي من بداياته وحتى احالتهم على المعاش سفراء ومساعدين وزراء خارجية ..
أسرة كما يقال أصحاب الياقات البيضاء وكذلك الحال لأمها وخالاتها فهن سيدات مجتمع عضوات فى الروتارى فى كل أماكنه وكياناته . فى هذا الجو الذى يعمل لكل كلمة حساب ولكل فعل رد فعل…
نشأت داليا وأخويها أكرم وأمجد ..
كانت داليا بحكم كونها الابنة الوحيدة فى الاسرة بل وفى العائلة كلها من الأب والأم …
فالعائلتين كل انجابهم ذكور ولذا فقد اصبح لداليا مكان ومكانة خاصة جعل الكل يدللها ويعززها أكثر من كونها عزيزة بجمالها واخلاقها..
فى مقتبل العشرين من عمرها انتقل الاب للعمل فى القارة العجوز وبالطبع معه اسرته ومضى العام الاول والدنيا تسير بهدوء إلى أن جاء يوم صارحت داليا أمها بأنها تحب وأنها اختارت هذا الفتى ليكون شريكها فى رحلة الحياة..
أمها كانت من الذكاء بأن فتحت لها باب المصارحة حتى تعرف كل شىء عن الشاب وعن العلاقة ومراحلها وحينها قالت لها الأبنة أنه قبلها اكثر من مرة ، واستجمعت أمها نفسها واظهرت أنها موضة قديمة وقالتلها : بوسه عاديه يعني كده يادودو ؟
فاحمر وجه الفتاة واجابت بالنفى : لا ياماما ماكانتش بريئه..
أنا ياماما أول واحد باسنى هو إنما أنا حسيت إن أنا مش أول واحده يبوسها ، بل بالعكس ده خبير وتقريبا كده إن ده سلاحه..
رددت امها بينها وبين نفسها كل التسابيح والاستغفار حتى لا تنفعل عليها فقالت لها وهى تصطنع ابتسامة على وجهها: طيب ياحبيبتى لما إنتى بخبرتك الصغيره فى الحياه بتقولى إنك مش أول واحده يبوسها يبأه اكيد ده مش بيقف عند البوس بس واكيد عمل علاقات وكون شلل من الفتيات اللى من النوع ده يعنى مش بتاع جواز واستقرار ..
لم تكمل الام حوارها لتقاطعها وتقول : ماما انتى صح وده اللى أنا عاوزه أعمله معاه أنا هطلب منه الجواز وهقول لأهله إنى عاوزه اتجوزه واحكيلهم عنه وعن انطباعاتىي عنه وأشوف ردة فعلهم وفعله ..
لو وافق واتجوزنى هنتعاهد على مبدأ الصراحة وإننا نعمل اسره متخبيش حاجه عن بعضها حتى الأخطاء عشان منخلفش ولاد يعيشوا فى جو خداع ونفاق ، وأهله كمان لو وافقوا هاقولهم إنى هغير ابنهم ممكن للأحسن وجايز للاسوأ لو مالتزمش بالعهد اللي هنقطعه مع بعض..
لم تعلق امها وتركتها وخرجت من غرفتها واصرت بعدها على العودة إلى بلادها وتقديم زوجها استقالته إما الانفصال النهائي..
الان وبعد عشر سنوات تعيش أم داليا وحيدة وزوجها واولادها في الغربة وداليا فى مصحة نفسية تعالج من أمراض سببها نقاءها فى زمن الغبار العالق بالملابس البيضاء وسواد الليالي المشؤمة وكلما يذهب أبيها لزيارتها يؤنب نفسه لأنه لم ينفذ ما طلبته زوجته عندما قصت عليه ماوصفته بمأساة داليا فى الحياة وأصر على البقاء فى السلك الدبلوماسى ليستكمل مسيرة عائلته القديمة لتضيع منه فلذة كبد عائلته الحالية ….