منذ صغر سنها وتسمع احلى الكلام من ابيها لامها وحلو الحديث من امها لابيها الى ان جاء يوم تبدلت فيه الدنيا وتغيرت ، وايقظتتا امها من نومها لتحتضنها وتبلغها انها ستسافر لفترة وتطلب منها ان تعتنى بأبيها وبنفسها، لم تترك لها امها فرصة ولا وقت لتعرف منها اية تفاصيل ووجدت ابيها واقفا على باب الشقة مرتديا كامل ملابسه وممسكا بيده حقيبة كبيرة ويصطحب امها الى الوجهة التى لم تعرفها سناء تلك الطفلة التى لم تتعدى العشر سنوات..
شهور تمضى وتسأل اباها عن امها وتأتى الاجابة بأنها ستطيل من اقامتها لاسباب لايريد ان يقولها ، تحاول ان تكلم امها فتجد هاتفها دوما مغلقا، تبحث عن اقارب لامها وتعود من حيث بدأت فأمها لم تكن مصرية فهى من بلاد العم سام وقعت فى غرام ابيها منذ سنوات طويلة كانت فيها قادمة للسياحة وهو صاحب الشركة المنظمة لفوج بلادها المتلهف على روية مصر القديمة وربما الحديثة ، كل الفوج انهى الرحلة الا هى بدأت معه رحلتها واستقرت فى قارب حبه وتركت بلادها وعملها وكل شىء من اجله هو ، بحثت عن اصدقاء لأمها تسألهم عنها واين هى وجاءت اجابتهم بانهم لايعلمون عنها شيئا ، نصحها زميل لها فى المدرسة وكان ابن احد السفراء وعلى رغم صغر سنه الا انه اشار عليها بان تذهب لسفارة بلد امها وتستعلم منهم عنها وهل غادرت البلاد ام لا ، وعندما طالعت اباها بهذا الرأى وتلك النصيحة ثار عليها وعلا صوته لاول مرة وهم يصفعها
لولا
انه تدارك الموقف وتركها واغلق باب غرفته عليه ، بعد وقت ليس بالقصير سمعت بكاء ابيها من وراء الجدران ، ولم تنسى ابدا هذا الصوت الذى لم تكن تسمعه ابدا من ابيها فقد اعتادت ان تسمع ضحكاته فى وجود امها واعتادت على صمته فى غيابها ، خافت ان تطرق بابه وتساله عن سبب بكاءه وربما خافت اكثر من ردة فعله عليها ومن رؤيته ضعيفا يبكى فقد اعتادته قويا عظيما ، سبع سنوات مضت وهى لاتنسى امها ولكنها لم تعد تسال اباها..
فقد كبرت الان واصبحت قادرة على ان تذهب الى سفارة بلد امها وتستعلم منهم عن امها واين هى وهل غادرت البلاد ام انها لازالت فيها ، فى هذا اليوم ارتدت ملابس المدرسة واستقلت الاتوبيس المدرسى وهى تلقى على ابيها السلام الذى يرافقها كعادته منذ غياب امها حتى تستقل الباص ويمضى الى شرفة الفيلا وينتظر حتى يذهب الباص الى المدرسة ،لم تدخل المدرسة استطاعت وبمعاونةصديقها ابن السفير ان تختفى وسط الطلبة وتعاود خطاها الى حيث مكان السفارة التى لاتبعد كثيرا عن مدرستها ، بهدوء يعرف عن اهل بلد امها استقبلها واحدا من الموظفين وسالها عن سبب مجيئها ، وهل هى قادمة تطلب حق لجوء سياسى لاى سبب من الاسباب دينى او مذهبى فكان ردها بانها جاءت تبلغ عن غياب امها منذ سنوات عدة ، استغرب الموظف الاجنبى من سبب مجيئها طالبا منها التوجه الى القسم لتقديم محضر ولكنها ابلغته بان امها اجنبية وليست مصرية وان هذه السفارة سفارةبلد امها وعليهم ان يساعدوها فى العثور عليها ومعرفة اى معلومة عنها تساعدها فى الحصول عليها ، وقع كلامها عليهم بالصدمة وتغيرت المعاملة وطلبوا منها معلومات عن امها واخرى عنها شخصيا وعن اى شخص تربطه اية علاقة بأمها واكدوا لها ان السفارة ستبذل قصارى جهدها لكشف اية ملابسات حول اختفاء امها وان مسؤل من السفارة سيبلغها بالتفاصيل خلال الساعات القليلة القادمة ، خرجت من السفارة وعادت الى المدرسة تحاول ان تدخل وتختلق اى سبب لعدم دخولها لتجد اباها فى غرفة مديرة المدرسة والدنيا كلها تبحث عنها ، قالت بعفوية غريبة انها عادت المنزل لاسباب نسائية ، التمست لها مديرتها العذر مع نصيحتها لها بالا تفعل ذلك مرة اخرى دون اخبار ايا من المسؤلين فى المدرسة عن وجهتها ، نظرت الى ابيها ووجدت نظراته لاتصدق مزاعمها ولكنه آثر الانتظار لحين عودتها الى المنزل حتى لايحرجها امام من فى هذه الحجرة واولهم المديرة بالطبع ..
انتهى اليوم الدراسى وهى لم تستوعب كلمة مما قيلت فى اى حصة من الحصص فقد كان ذهنها مشغولا بابيها وماسيفعله معها حين عودتها ، وهاهى تعود لتجده منتظرا اياها ويقول لها ذهبتى الى السفارة دون اذنى وعلمى ، ورثتى منى العند ولم ترثى من امك شيئا ، لماذا لم ترثى منها حبها لى وخوفها على وحرصها على ان نعيش فى سعادة والا يعرف الحزن طريقه اليكى ،،
تريدين ان تعرفى اين امك ، امك مريضة منذ ان علمت بمرضها واستحلفتنى الا اخبرك حتى لاتتالمى عليها ولانها لاتريد ان ترى دموعك كما انها تريد ان تعيشى حياة طبيعية وليست حياة مجتزأة بين الم مرضها وترقب وفاتها ، تحملت انا كل الالام من اجلك واجلها ، الام لايتحملها بشر ، كل ثانيةاراها تذبل امامى وهى تصر على الا اخبرك وتلح علي ان اتركها واتزوج
…
علم اننى لاانتمى الا لها ، واعود اليكى واخفى معاناتى واتهرب من تساؤلاتك عنها ،، تريدين ان تعرفى اين امك تعالى معى …..