الرئيسية / مقالات / الإعلامية كريمة أبو العينين تكتب ..صندوق العتمه..!!

الإعلامية كريمة أبو العينين تكتب ..صندوق العتمه..!!

عشت عمرى كله وانا احاول ان استوعب مغزى نصيحة نصحنى بها ابى رحمة الله عليه وهى : لاتستقبلى هدايا من احد الا عندما تعرفى ماتحتويه وتتأكدى انكى قادرة على ردها
.. لم ادرك ماتعنيه هذه النصيحة من قيم لو ادركتها كان حالى افضل مما انا عليه .. تلك الكلمات قالتها لى صديقة عمرى التى انتهى بها المطاف الى الاقامة الجبرية فى مصحة نفسية . عندما اتصلت بى وسمعتها كانت منهارة تحكى اشياء غير منظمة ومبعثرة التوقيت والمشاعر ، طلبت منها ان تهدأ وانا سأصل اليها بأقصى سرعة .. وبالفعل ذهبت اليها لاجدها فى حالة يرثى لها واولادها الثلاثة بجوارها يبكون على حالها ويحاولون ان يهونوا عليها مافعله ابيهم بها ولكن دون جدوى .. شهور طويلة وانا اداوم على زيارتها يوميا واتناوب انا واهلها على التواجد مع ابناءها وقضاء احتياجاتهم بقدر الامكان ، اولادها اصبح حالهم يعكس حالة امهم الحزينة المقطعة من داخلها ، الضائعة من خارجها . لم يستمر الحال طويلا فقد اشار الاطباء بضرورة ادخالها مصحة نفسية وابعادها عن المنزل بكل مافيه لان استمرارها فيه معناه عدم الشفاء واسترجاع كل آلامها ، وافقت هى على مضض وخوف من ترك ابناءها فأقسمنا لها انا واخوتها وامها اننا لن نتركهم ابدا ، واكدنا لها ان ذهابها سيساعدها على العودة سريعا اليهم كما كانت فى السابق .

اخيها كان شخصية مرموقة ثريا وتكفل بكل المصاريف لعلاجها كما اعطى امه مبلغا كبيرا من المال لرعاية ابناء اخته التى كانت بالنسبة له اما اخرى .. فى المصحة النفسية اعادت بسمة وكان هذا اسمها تاريخ حياتها كما طالبها الطبيب وقال لها احكى كل مااسعدك ودعى مااحزنك نختتم به جلساتنا سويا . على مدى اشهر وكلما ذهبت اليها اجدها فى تحسن وان كان طفيفا .
فى يوم اخير من عام طويل قضته فى هذه المصحة العلاجية كتب لها الطبيب روشتة خروج من المصحة مصحوبة بخروج من مآستها تركزت على الاتعود الى نفس المسكن وتنتقل الى مسكن جديد وان تعمل ، ولاتجلس فى البيت ، وايضا اشار عليها بممارسة رياضة ما ، وان لم تستطع فلتمارس المشى ساعة يوميا ، وطالبها بالالتزام بتعاليم دينها وخاصة الصلاة على اوقاتها وقراءة كتاب الله يوميا ولو آية واحدة ..

كلنا كنا سعداء بأن بسمة ستخرج من المصحة وتعود الى حياتها وتسترد ابتسامتها وعافيتها ، وبالفعل سارع اخيها بشراء شقة لها باسمها واسسها كما لو كانت عروسة وملأ البيت بكل ماهو جديد ، واصطحب ابناء اخته الى المسكن الجديد مطالبا اياهم بغلق المسكن القديم وبأن يكون بالنسبة لهم بيت ابيهم فقط . ونجح الاخ الرؤم بأن يجد وظيفة لاخته فى واحدة من وكالات الاخبار وخاصة ان بسمة كانت خريجة كلية الالسن للغات والترجمة ولم تعمل طاعة لزوجها الذى ارادها فى البيت وللبيت فقط ، وعندما اخذ كل شىء اصبحت بالنسبة له نسيا منسيا ..

كل شىء اعده الاخ اعدادا تاما ناجحا كى يعيد لاخته حياتها ويضع اقدامها على بداية طريق جديد يرجو لها النجاح فيه . فى يوم خروجها من المصحة طلبتنى ان اكون معها من اول اليوم اقضيه معها قبل الخروج النهائى ، وقبل ان يأتى اولادها واهلها وخاصة اخيها الحبيب الذى كان كلما يراها يبكى ويحتضنها بشدة ويطلب منها الاتكف عن الاحتساب على زوجها والدعاء عليه حتى يناله نصيب مما فعله بها بجحوده ونكرانه للعشره ونسيانه للفضل بينهما ، والغريب انها لم تستطع ان تحقق لاخيها ماأراده منها ولاتدرى السبب الحقيقى الذى ينتفى بالطبع منه انها لازالت تحبه ، فهى قد تأكدت انه لم يحبها ابدا ولايستحق حبها ولاينبغى ان تفكر فيه ولو للحظة، وان الله قد حماها عندما اختار لها هذه الوضعية ومع ذلك لاتدرى لماذا لم تحتسب الله عليه ولم تدعو عليه ليضار بما كانت تريد ان ترى بعينها ماسيفعله الله به والاتكون مسؤلة بدعوة لها عما سيصير عليه حاله ؟

وربما ايضا لانها كانت على قناعة بأن الله يأتيها بما يرضيها ويرضى عنها من خلاله ، ذهبت اليها وانا سعيدة واقص عليها ماسنفعله معا وبأننا سنذهب الى النادى ونتمشى فى التراك وبعدها سنسافر ونجرى ونلعب ونذهب الى السينما والمسرح وبأننا واننا …؛ لتقاطعنى وعلى وجهها ابتسامة زادت ملامحها جمالا على جمالها العفوى وقالت : ادركت ماكان يعنيه ابى بنصيحته بالا اقبل هدايا الا اذا علمت ماتحتويه وايضا ان اكون قادرة على ردها ، نعم صديقتى ادركت الان ان من كان زوجى اهدانى صندوقا وانا فرحت به لانه منه هو من ظننته حبيبى وعشت عمرى فرحة بصندوق مغلق وكل ماتمر به حياتى معه ابتلعه لاننى حريصة على استمرارى مع صاحب الصندوق بكل صفاته ، وفجأة اكتفى صاحب الصندوق منى واراد ان يتخلص من كل شىء لاينتمى الى حاضره وانا وللاسف متشبثة به وكلما ازداد تمسكى به ازداد نفورا ونكرانا لى ، فأجرى لافتح صندوقه الوحيد فأجده معتم خاويا بلا اية هدايا او معان . وعندما ادركت اننى لم احصل على مااستحق من فناء عمرى واستنفاذ مشاعرى وكل مااملكه ادركت ان ابى رحمه الله نصحنى ولكننى لم استمع ولم استوعب ماتعنيه نصيحته وبأننى حتى وان استوعبت وادركت ماتعنيه النصيحة فاننى لست مؤهلة لان ارد الهدية ؛. لان تكوينى النفسى غير قادر على رد الهدايا المخبأة فى صناديق معتمة….

عن admin

شاهد أيضاً

هبه علي تكتب.. اغرس شجرة .. تصنع حياة..!!

في ظل مانعاني منه اليوم من تغيرات مناخية متطرفة وارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *