تتذكر الان بعد أن تركها كلماته بأن حياته تستمد قوتها من وجودها فيها ، وبأن سعيه لايحقق أى نجاح الا وهى معه .
سنوات طويلة امضتها وهى واهمة بهذه العبارات وتعطى كل مالديها من اجل أن ينمو هذا الكيان ويصبح له وجود ومكان ومكانة ، أحبته حبا ملك حياتها فنت نفسها من اجله .
تغاضت عن عيوب وافعال لإيمانها بأن الغد سيغيره، وبالفعل جاء الغد بكل بريقه وسلطانه وعافيته وتغير هو ولكن للاسوأ وللتنصل منها بكافة الطرق ، حينها ارتضت أن تبتعد بخاطرها خوفا من النقيض ، وسافرت بعيدا إلى الغرب حيث يعيش أخيها الذى احتواها بحنانه ووقف بجوارها فى محنتها واستطاع أن يخلصها من بعض من حزنها ويجعلها تنخرط خرطا فى العمل حتى تخرج من تجربتها الحزينة التى كلفتها عمرا وحرمتها من الانجاب تنفيذا لمطالب الحبيب بتأجيل الانجاب حتى وحتى وحتى إلى أن جاء اليوم الذى اصبحت فيه كالإنجاب من وجهة نظره مؤجلة .
فى اوربا عاشت ليلى حياة جديدة لايوجد فيها مكان للعاطفة فقد اصبحت تعمل ليل نهار حتى أنها صارت كماكينة دائمة الدوران ، فى داخلها كم من الحزن والكراهية لكل الرجال ، هذا الشعور جعل الجنس الأخر يتودد إليها أكثر ظنا منهم بأنها نوعية مميزة من النساء ولايدرون أنها مدمرة من واحد منهم .
مضت بها سنوات من عمرها وهى تبنى تاريخا وظيفيا أشاد به الكل وأولهم أخيها الذى كان يتفاخر بها وبما حققته من مسيرة وظيفية رائعة يتحدث عنها القريب والغريب .
فى يوم شتوى قارس البرودة احتضنها اخيها بقوة وقال لها ؛ فيه خبر مش عارف هتتقبليه ازاى وهيكون وقعه عليكى ايه ؟
نظرت اليه ولسان حالها يقول ؛ قل ماتريد فلم اعد اهتم ..
فقال لها زوجك تزوج وأشار إلى خبر منشور وفيديو مصاحب له على شاشة الموبايل .
والتقطت منه الهاتف لتراه بعد سنوات لم يسأل حتى عنها ويعرف أين ذهبت وكيف اصبحت ، فهى لاتزال زوجته على الورق وهو لم يهتم بمصيرها والان يتزوج ويعلن لها أنها لم تعد تعنيه وستحل محلها اخرى ، امعنت النظر فيه وجدته قد تغير كلية وتبدل حاله ومحاولاته بطمس معالم الزمن وايهام المتابعين بأنه لايزال شابا .
نظرت إلى أخيها وهى تحاول أن تدارى جزعها وقالت شيء متوقع ؛ ولم يمهلها أخيها استكمال أى حديث وقال لها أريدك أن تفعلى مثله ؛ ولم ترد وتركته بزعم أنها مرهقة وتريد أن تذهب إلى فراشها لأن لديها غد حافل بالعمل والجهد .
مضى على هذا الحديث سنوات لم تحسبها ولم تتابع أخباره ولم تذكر اسمه وتعمدت أن تغلق اى منفذ من منافذ يتسرب منها ذكراه وذكرياته ، وبعد فترة أكدت لنفسها ولأخيها أنها تعافت من حبها واصبحت سوية المشاعر ولم يعد ذكر اسمه يزعجها ولايعيدها إلى ماضى سحيق .
وجاء يوم لم تكن تتوقعه وفيه علمت أن زوجة من كان زوجها طلبت الخلع واكدت فى دعواها اشياء يندى لها الجبين ، وبعد فترة علمت من أخيها أن هذه الزوجة أخذت كل امواله وبأنها استطاعت أن تسحب كل استثماراته عن طريق معارفها وباستغلال جمالها ودلالها لتتركه صفر اليدين ، مريضا مما اصبح عليه حاله . ت
مسك هاتفها وتطلبه وتزعم فى حوارها مواساته ولكنها كانت تريد أن تسمع صوته وتعيش معه ماعاشته عندما لفظها واخرجها من حياته بلا ذنب ، سعادتها حينما سمعت صوته وادركت شعوره المماثل لشعورها حين الهزيمة والذل أعاد اليها سعادة افتقدتها ومد لها عمرا اجتزأ منها ، ورغم كل ماكان إلا انها كانت على استعداد بأن تقف بجواره ليتعافى ؛ ليس حبا له ولكن رغبة منها بأن تؤكد لنفسها أنها لم تعد تريد من الحياة الا انتظار الموت بلا ذنب ولاجريرة ..