الرئيسية / مقالات / الإعلامية كريمة أبو العينين تكتب..حضن إبنتي..!!

الإعلامية كريمة أبو العينين تكتب..حضن إبنتي..!!

فتح دفاتره وكتب :
اليوم هو اسوأ يوم مررت به طيلة عمرى الذى لم يكمل الثلاثين فأنا طبيب احب مهنتى التى ورثت محبتها من عائلتى ابى وامى واجدادى واعمامى وخالى وخالاتى . نحن عائلة طبية من المهد الى اللحد ، كلنا نحب هذه المهنة وان كنا نكره ان نصفها بالمهنة فهى رسالة سامية نعيش من اجلها ومن اجل الا نرى حزنا ولا ألما عند اى شخص مهما كان انتماءه ودينه وتوجهاته .

ابى طبيب شهير يتحدث العالم عنه وعن عبقريته الطبية وعن كرمه وورعه فى نفس ذات الوقت ، امى سيدة جميلة جعلت من الطب مخرجا لها لعالم الخير والتراحم والرحمة فكل مالديها ليس لها بل هو لمن لايجد ثمن علاج او كشف او حتى طعام ، امى تجد سعادتها فى لملمة متاعب البشر والقاءها بعيدا عنهم مهما كلفها ذلك من ماديات ومتاعب ومصائب .

فأكم من المشاكل وقعت فيها بسبب رغبتها فى المساعدة رامية عرض الحائط بكافة القيود والروتين الحكومى وربما الموروث الاجتماعى ايضا ، أكم من أناس نصبوا عليها مستغلين طيبتها ورغبتها فى درء الاذى ومساعدة غير القادرين .

فى هذا المناخ نشأت انا واختى التى شذت عن القاعدة ولم تلتحق بكلية الطب وآثرت السياسة وتخرجت من كلية السياسة والاقتصاد وعملت فى السلك الدبلوماسى وتزوجت وسافرت للاقامة مع زوجها بعيدا عن وطننا مصر.

حياتى مضت بين ابوين التقط منهما كل معانى الانسانية والتفانى فى حب الخير ، انهيت دراستى والتحقت بالعمل فى واحدة من المستشفيات الحكومية بجانب العمل فى مستشفى خاص يمتلكه ابى وكل عائلاتنا شركاء فيه ، هذا التوجه اتبعت فيه ابى فهو وان جاوز الخمسين الا انه حريص على تسخير ساعات من يومه للعمل الحكومى ومن خلاله تتسع دائرة مساعداته الانسانية وينهل من مستشفاه ويعطى للطيبين من المرضى والمحتاجين ويساعدهم بكافة الطرق وبكل الوسائل ..

سنوات قليلة وحصلت على اجازة الدراسات العليا واتبعتها بالزواج والاستقرار العائلى والنفسى وبعد عام من الزواج انجبت ابنتى ياسمين وبالفعل كانت هى اريج حياتى وياسمينة عمرى وتعلقت بها ايما تعلق لدرجة الهلع من مجرد ان يصيبها اى مكروه مما جعل ابواى يقلقان على هذا الشعور ويحاولا بكافة الطرق ان يعدلا سلوكى حتى لااقع تحت بؤرة التوتر والقلق التى ربما تبتلعنى وتضعنى عند عتبة الشيطان يوسوس لى مايشاء فيجعلنى اكثر خوفا وقلقا ..

حاولت جاهدا ان اسيطر على مشاعرى وانفعالاتى الا اننى وجدت نفسى اقع تحت تأثير حب ابنتى اكثر واكثر ، حرصت ياسمينتى منذ عامها الاول ان تستقبلنى بالاحضان عندما افتح باب الشقة عائدا من عملى بعد ساعات طويلة من البعد عنها ، حضن ياسمين كان قبلة الحياة بالنسبة لى ، كان بوابة الامل لمواصلة الحياة والعمل ، حضنان ثابتان واحد عند الذهاب والاخر عند العودة ناهيك عن ابتسامتها وضحكاتها التى تضىء جوانب عمرى ، اتمت ياسمين عامها الخامس منذ مطلع هذه السنة التى ظهر فيها وباء كورونا اللعين والذى جعلنى اعمل ٢٤ ساعة ولا اعود الى بيتى واصل الليل بالنهار واحرم نفسى من رؤية ياسمينتى ، وألم بى الارهاق والتعب مع رفضى اخذ اجازة ولكن مديري اصر وعدت الى بيتى وفتحت باب شقتى وانا بكامل احتياطاتى لاجدها تجرى الى كى تحتضننى كما اعتدنا منذ اربع سنوات بالتمام لتسمع صوتى عاليا ولاول مرة انهرها واطلب منها الابتعاد ، فتبكى ياسمينتى ولا اعرف كيف اهدىء من روعها واشرح لها ؛ وتصرخ وتقول لوالدتها التى ملأ عينيها الحزن لانها تعلم جيدا معاناتى فى هذه اللحظة ،

تقول ياسمين : بابا خايف من حضنى ، انا بحبك يابابا ، ومش هتعبك بالحضن ، انهار انا وابكى واطلب من زوجتى ان تأخذها بعيدا عنى حتى اتخلص من ملابسى ومن كل وهم قد يحمل ضررا لابنتى ولامها .

رفضت ياسمين بعدها ان تكلمنى ولا ان ترانى ولاتسمح لى بالسلام عليها حتى من وراء النافذة حينما خرجت عائدا الى عملى لاواجه الوباء اللعين .

بعد اسبوع وتحديدا اليوم جاءت ابنتى تحملها امها مريضة ، ابتسمت لى وهمست فى اذنى احضنى يابابا فاحتضنتها ولاادرى مابها فقد التهمتها حضنا وقبلا وهلعا وقلقا وفجأة سكنت وسكتت فتخيلت انها صالحتنى وعفت عنى لينتزعها منى صديقى ومعه ابى وامى ويجروا بها بعيدا لاعلم بعد سويعات انها تركتنى الى الابد …

عن admin

شاهد أيضاً

أسماء عصمت تكتب..الرحيل ..!!

رحل دون وداع ….رحل دون رجعة ..!!!تركني وحيدة بلا ذكريات …جمعتنا سويا أجمل الصور وشاركني …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *