جلس وحيدا يتذكر حياته التى مضى منها ثلاثين عاما ، عاش منهم سبع وعشرين بكامل حريته فعل فيهم مافعل بشار بالخمر والنساء والسهر والعربدة ، فى الثلاثة الاخرين تزوج ولايدرى لماذا اقدم على هذه الخطوة ربما باحثا عمن يخدمه ويكون له بيتا كما لكل اصدقاءه الذين سبقوه وربما لانه اصبح وحيدا بعد وفاة امه التى كانت تملأ حياته كلها ولم تكن ترى عيوبا له بل كانت تراها شطحات شباب سيتخلص منها فى وقت ما ،….
وربما تزوج قسرا لان اخيه قام بكل الاجراءات والرسميات لان من زوجه اياها كانت اخت زوجته . تزوجها ولم يكن سعيدا ولاحزينا بل لم يكن لديه اى شعور فقط اصبح زوجا لفتاة لاينقصها شىء فهى كانت جميلة هادئة مطيعة ولكنه لايشعر تجاهها بأى شىء ، كان مؤديا ، وبعد اسبوع من الزواج شعر بملل غريب من انتظارها له وسؤالها عنه ورغبتها فى معرفة كل مايتعلق بحياته ولكنه اخفى مايشعر به رافضا فى الوقت نفسه ان يجيبها على كل اسئلتها ….
اكتمل شهر والضيق يخنقه والملل يقتله قتلا ، عبثا يحاول ان يتغلب على هذه المشاعر ولكنها تزداد وتحيطه من كل جوانب حياته ، تسأله عن سبب صمته الطويل فيجيبها بضغط العمل ، تطلب منه ان يخرجا معا او يسافرا لتغيير روتين الحياة فيتعلل بارتباطات العمل ، بعد ثلاثة اشهر من الزواج اتخذ قراره بعدم مواصلة الحياة معها وفى طريقه من العمل الى المنزل يرتب كلماته ويستعد لمواجهتها بقراره المصيرى ؛ يفتح الباب يجدها امامه فى ابهى صورها وعلى وجهها فرحة لايعرف سببها الا انه أجل قراره ليعلم اسباب هذه الفرحة لعلها تكون فكرت مثلما فكر وترفض الاستمرار فيتفقا معا فى القرار .
ارتمت فى حضنه فامتلأ قلبه حزنا لانه تأكد من سوء توقعاته ، ابعدها عنه بلطف وسألها ماذا حدث ؟
حصلتى على ترقية ؟
ام ان هناك اخبار سارة تخص عائلتك ؟
اجابته بدلال لم يغيره قدر انملة بأنها حامل وستصبح اما وبأنه سيصبح ابا ..
وقع عليه الخبر كالصاعقة جلس على اقرب كرسى صادفه ووضع كفيه على رأسه
فتوهمت
أن سعادته فاقت الوصف وقبل ان تنطق جاءت عباراته متلاحقة معلنة رفضه للاستمرار ورفضه للحياة الزوجية ؛ اقتربت منه وهى تبكى وسألته عن السبب وهل هناك تقصير منها ام هناك اخرى فى حياته ؟
اقسم لها انه لايوجد اى شىء مما قالته فقط هو كارها لهذه الحياة ولايريد ان يستمر فى حلقة مفرغة تتكرر فصولها كل يوم ويصبح فيها ثورا فى ساقية ، هو يريد حياته الاولى حرا طليقا لا له ولاعليه ، بكت وصرخت فى وجهه ووبخته وقالت اذا كان الزواج يمثل لك قيودا فلماذا طرقت بيوت الناس واخذت بناتهم ؟
لم يجبها لانه لايجد كلمات يرد بها عليها كما انه لن يستطيع اقناعها بما يدور فى خلده .
سكت ولكنها لم تسكت استجمعت قوتها ونفسها وقالت له وهى تئن الما وربما غيظا :
طبعا انا ارفض
الطلاق بهذه الطريقة
وبعد ثلاثة اشهر من الجواز لأن الناس مش هترحمنى ، ومش هسيب بيتى لانى مش هولد ابنى الا فى بيت ابوه ، القرار اللى هتاخده على نفسك فقط يااما تقعد فى بيتك معزز مكرم وكل واحد فى حاله واحنا امام الناس والاهل زوجين يااما تمشى وانا هقول انك سافرت تشتغل بره مع التزامك بكل ماديات البيت وابننا او بنتنا القادمة ، ولما ييجى المولود تعالى وشوفه وادى نفسك فرصة يمكن تتغير نظرتك للزواج مع وجود المولود ، لم يوافق ولم يرفض وخرج من بيته ولم يعد حتى حينما علم بقدوم وليده لم يستطع العودة لانه لايشعر بأى مشاعر ولا رغبة ولااهتمام .
الان ابنه يبلغ عامين وامه طلبت الطلاق للهجر ويقال انها تزوجت وهو كما هو لاتحركه اية مشاعر فقط يريد ان يصبح وحيدا هائما فى دنياه رافعا يديه للسماء طالبا النجاة متمنيا اللحاق بأمه ..