كل شىء فى مكانه لم يتغير رغم مرور السنين ورغم البعد الطويل إلا أن المشاعر كما هي فى مكانها فى أعمق بقعة من قلبه ….
ذلك كان حال أمير الذي أحب كارما ولم تكن على دينه ولكنها أتبعت عقيدتها وأحبته بكل ماأوتيت من مشاعر، وتصارحا بحبهما واعترفا كل منهما للآخر بما يحمله له من حب ووله وآهات …
لحظة الاعتراف كانت فى آخر يوم لهما فى دراستهما الجامعية اتبعها قَسَمْ كل منهما للآخر بألا يتركا بعضهما مهما كانت التحديات …
عام مضى بعد التخرج أنهى فيه أمير الخدمة العسكرية وكذلك كارما أنهت الخدمة الوطنية في واحدة من أماكن تعليم محو الامية..
والغريب أنها أصرت على أن تؤدي هذه الرسالة مع أن عملها غير الحكومي لم يستدعِ منها أن تقوم بذلك ..!!
عملت كارما فى واحدة من المؤسسات الإعلامية وهو التحق بأحد البنوك وحققا كلاهما نجاحاً فى عملهما .
ارتكزا فيه على حسن تعاملهما ورفعة أخلاقهما ، بالطبع كان كل يوم يعيدان على نفسيهما ماسيقولانه لأهليهما عندما يتقدم لها أمير وكيف سيواجها ثورة الأهل والأقارب والجيران …
فى يوم من أيام الله الصيفية طرق أمير باب أهل كارما فى العجوزة تلك المنطقة العتيقة الحافلة بكل الماضي بمافيه من حجر وشجر وربما بشر لازالوا يتنفسون أنفاس الماضي الجميل . ..
طرق بابها ففتحت سيدة فى مطلع الستينات من عمرها لايزال الجمال يحتل مكاناً من ملامحها وإنْ زاحمته التجاعيد والسنين .
رحبت به ليعلم أن كارما قد حدثتها عنه كصديق جاء للزيارة .
بعد الترحيب به يأتي أبوها وأخوها وكلاهما يحملان علامات الترحيب وربما الاندهاش . ..
يشرح لهما حياته واستطاعاته المادية ليداهمه أخوها بسؤال عن سبب شرحه هذه المعلومات فيرد عليه بأنه جاء يتقدم للزواج من أخته وهو زميلها من أيام الدراسة ، يسأل الأب أمير عن اسمه بالكامل ليعرف أنه ليس على دينهم ، فَيَهِمْ الأخ بأن يحتد ليجذبه الأب بهدوء ويقول له معنديش بنات للجواز ..
بهذه الجملة يلم أمير ماتبقى منه فى هذا الموقف ويخرج حزينا مكتئبا .
يسمع صوتها وهى تبكي ويسمع صراخ أخيها فيها وتنكيل أبيها وأمها لها ؛ ولكنه لايستطيع أن يحميها ولاينقذها مما هى فيه .
شهر يمضي ولايراها ولايعرف أى شىء عنها ؛ وعبثاً حاول بكل الطرق أن يتواصل معها ولكن دون جدوى ولا نتيجة فكل الطرق اليها قد سُدّت واغلقت باحكام منقطع النظير ….
إلى أن يأتي يوم يجدها أمامه شاحبة ،حزينة، تبدلت ملامحها وأعياها الألم ، لترتمي فى حضنه وتطلب منه أن يأخذها معه ويتزوجها ؛ لايتردد للحظة ويعقد قرانه عليها ويأخذها معه فى شقته التى أسسها من اجلها ولها ، ويعيش معها أحلى ستة اشهر فى عمره كله ؛ وبعدهم لايجدها ، فقد ابتلعتها الدنيا ، كل محاولاته وبلاغاته عادت سُدى ولم تعد كارما إليه ….!!
فقط تركت قلبه يئن ؛ وعينه تدمع ؛ ويتوه فى الدنيا رافضاً أي شىء لاتوجد هى فيه ..