فى صغرها كانت ترى ابيها وهو دوما يسعى باصلاح ذات البين بين المتخاصمين ويحاول بكل ماأوتى من قوة ان يعيد الامن والامان الى البيوت التى تقترب من الانهيار والخراب ..
وكم لاحظت كذبه على كلا الطرفين المتحاربين من اجل ان يعود الود بينهما كما كان ، يوما من هذه الايام استجمعت شجاعتها وقالت له وهى خائفة جدا : بابا انت بتكدب ؛ فضحك كثيرا وقال لها على من ؟
عليكى ام امك ام اخوتك ؟
ردت بتلقائية على كل من تذهب لصلحهم واعادتهم الى بيتهم مرة اخرى ؛ اقترب منها وقبلها وقال لها : ليس هذا كذب ياحبيبتى لان الهدف منه خير فأنا اريد ان اجعل كلا الطرفين سعيدا بالاخر متناسيا المشاكل مغلقا باب الشيطان المفرق للجماعات الهادم البيوت العامرة .
محاولات ابيها المتواصلة لان يعم السلام البيوت كان يتصدرها سعيه الدائم لجبر الخواطر فهو دوما مبتسما لاينهر احدا حتى من يرتكبون الاخطاء فى حقه ، كان متسامحا الى اقصى درجات التسامح ، فى هذا البيت عاشت عمرها لاتسمع ولاترى الا كل الحب والعطف وجبر الخواطر الى ان انتقلت الى بيت الزوجية مع من اختارته رغما عن الكل وفى بيت الزوجية عاشت من اول يوم وهى تريد ان تصبح كأبيها فى كل شىء أصبحت تطيب خاطر زوجها وتصالحه وتسامحه حتى وان كان مخطئة وتتغاضى عن كل اخطائه طمعا فى تغير حاله وتقديره لتسامحها وتحملها اياه ..
لبت كل مطالبه حتى مطلبه الخاص بتأخير الانجاب لاجل غير معلوم او كما اخبرها حينما تستقيم الاحوال ويصبحا اغنياء قادرين على اعالة ابناء والقيام بمتطلباتهم بسهولة ويسر .
مضت اعوام وهى تتنازل وهو يتمرد ويتنصل من اى التزامات رغم تحسن الاوضاع وعلو نجمه ووسط هذه الاجواء تسمع الكثير والكثير عنه ولكنها تصم اذنيها وتغمض عينيها وتنتظر الغد الذى حدثها عنه ابيها بأنه قريب لامحالة وبأنه فيه العوض والخير ..
لم يأت غد ابيها ويبدو انه لن يأتى وهاهى الان ترفع اكفها الى السماء محتسبة على كل ظالم شاكية الى ابيها الذى جعلها مثله مع من لم يكن مثلها ، تناجى ربها دوما وتسأله عن الذنب الذى اقترفته وتحاسب عليه بهذه الحياة المنتقصة لعنصر العدل …
ثم تعود فتستغفر وتقول لربها هل هذا ابتلاء فأجزى عليه ام انها بلاء فأطلب منك المغفرة ورفعه عنى !!
كل يوم وكل ساعة وخاصة ساعات الفكر كان يدور هذا الحديث مع ربها تختتمه بالاحتساب وتفويض الامر لله الى ان تسمع صوت ابيها يزاحمه صوت من كان زوجها احدهما يطالبها بالرضا والاخر يضحك ساخرا شامتا فيها راضيا عما فعله بها مؤكدا ان لديه المزيد من الاذى وفور سماعها لهذين النداءين تدعو لمن تدعو له وتدعو على من تدعو عليه منتظرة الاجابة وجبر الخاطر ..