الرئيسية / مقالات / الإعلامية كريمة أبو العينين تكتب..تجاعيد الذكريات!!!

الإعلامية كريمة أبو العينين تكتب..تجاعيد الذكريات!!!

استيقظت من نومى على جرس الهاتف فالتقطته بسرعة تحسبا أن يكون ابنى او ابنتى طالبان لاية مساعدة أو الاطمئنان علىٓ .
جاء صوتها جميلا كما عهدته منذ ايام صداقتنا فى الجامعة ، وكعادتها تبدأ حوارها بالضحك وقول نكتة من نكاتها التى تضحكها هى فقط لدرجة انها لاتستطيع تكملة اى نكتة الا بعد وقت طويل ينتهى بكتمها الضحك حتى تنتهى من قول النكتة لتضحك من جديد وكأنها طفلة .
قالت لى .. النهارده عيد ميلادى بلغت نصف قرن وعندى مفاجأة ليكى .. جاء دورى فى الضحك والقيت عليها نكتة ضحكنا عليها سويا وعقبتها بقولى اننى لاانسى ابدا يوم ميلادك ، واستكملت كلامى بأنه من الطبيعى ان تكون المفاجأة من جانبى انا واصدقاءك فى الاحتفال بيوم مولدك الغالى ، .. قالت لى على الفور انا عارفه انكم مجهزين حفلة وهنسهر للصبح زى كل سنة بس انا عيزاكى انتى لوحدك الان وبالليل كلنا مع بعض .. انهت كلامها لتتركنى فى حيرة واسألها ماذا بكى ، هل انتى بخير ؟؟

تضحك وتقول لى تعالى وشوفى بنفسك انا مستنياكى يالا تعالى بسرعة نفطر مع بعض .. قمت من مخدعى متثاقلة منتظرة ان يرن هاتفى واتلقى مكالمة من ابناى اللذان يحاربان الزمن من اجل ان يثبتا وجودهما وكيانهما ، ولكن لم يطلبنى ايا منهما وقلت من المؤكد انهما مشغولان وعندما يجدا وقتا سيتحدثان الىٓ. ارتديت ملابسى والقيت على جسدى عطرا وعلى يداى وتلك كانت من الاشياء المحببة الى نفسى ان اغدق على يدايا العطر بكثرة وكثافة وبين الحين والاخر اتنسم عطرهما وتأخذنى سعادة مابعدها سعادة
.. نزلت اليها ومعى هديتها التى اعلم انها ستسعد بها لانها كانت تتمناها ولكن ظروفها لم تمكنها من ذلك وكان ذلك من حسن حظى ، فى الطريق اشتريت كل مايلزم جلستنا سويا من مأكولات ومشروبات وعلبة سجائر من النوع الذى تفضله صديقة عمرى . وصلت اليها وكان معى مفتاح لشقتها كما هى ايضا لديها مفتاح شقتى وذلك كان اتفاق بيننا عندما كبرنا واصبحت حياتنا غير ذى قبل فاتفقنا ان نتبادل مفاتيح عقاراتنا وكل يوم نتصل ببعضنا البعض واذا لم ترد احدنا على الاخرى تجرى اليها مسرعة تخوفا من اى مكروه او فراق ابدى

.. فتحت الباب وورائى حارس العقار حاملا مااشتريته ووضعه ومضى واغلقت الباب وناديت عليها وجاءت ولم استطع الحديث واخذتنى الدهشة وقلت لها .. شعرك .. وصمت لتضحك هى وتقول هذه مفاجئتى فقد قررت الا اصبغ شعرى والا ادارى رقبتى بالوشاح قررت ان اكشف عمرى واترك تجاعيد ذكرياتى تظهر لكل الدنيا .. وبكت بحرقة وقالت لى .. عمرى كله قضيته فى خانة التحمل والرضا بما تبقى ، ومع ذلك لم اجد من يقدر ذلك العطاء وعشت وحيدة اعاند نفسى واوهمها بأن الغد افضل وبأن ماعند الله باق ، وبأن ماحدث معى له حكمة يعلمها الله وسيعوضنى خيرا ، عاما وراءه اعوام وانا استنفذ وتخور عزيمتى ولكنى لا أقع انتظارا للغد الافضل الذى سيأتى حتما ويجدنى منتظرة عطاياه . هل تدركين صديقتى ان ذكرياتى اصابها التجاعيد واصبحت تهرب منى ولاتريدنى ان استرجعها حتى لا ارى ماحل بها من تغير وتغيير. هل تعلمين اننى ايقنت ان عمرى افنيته باحثة عن غد افضل ، هل تشعرين بما تشعر به ذكرياتى من تجاعيد ومن انهزامات وجروح لم تضمد ولم تنس !!

انهت كلامها وهى تضحك وتمسح دموعها وتحتضنى وتقول هيا نحتفل بنصف قرن ونستعد لنصف اخر معا .. اثناء هذه الاحتفالية وماتلاها من احتفالنا واصدقاءنا بعيد ميلادها كان ثمة شىء يسيطر على قلبى ويحزننى ولا اعرف ماهو وكلما صارحتها بما اشعر به تضحك وتقول مشاعر العجز والسن المتقدمة فأنت تخافين الموت مع انه هدية لنا فى هذه الحياة التى لم نأخذ منها جزءا مما قدمناه من خير وعطاء وسعادة لمن نعرفهم وحتى من لانعرفهم،، حبى الموت واستقبليه بنفس الطريقة التى عشنا بها طيلة عمرنا وهى الرضا بكل شىء ايمانا منا بأن مايأتى به الله خير ، والموت خيرا لايضاهيه خير ..
سألتها حينها هل تخفين عنى شيئا ؟
اجابت بالضحك وقالت فيه مثل انجليزى بيقول اشياء ستظهر مهما حاولت اخفاءها .. الزواج والحمل والموت .. وانا اظهرت اثنان وتعذبت بهما ولازلت ، والاخير قادم لامحالة وبالطبع لن يخفى عن الكل وخاصة انتِ..فى يوم قريب اتصلت بها كعادتنا معا لم ترد عاودت الاتصال ولم ترد ..
ذهبت اليها وفتحت باب صداقتنا وناديت عليها ولم يأتنى ردا جريت مسرعة الى غرفة نومها وجدتها فارقت الحياة وعلى شفتيها نفس الضحكة التى كانت تغالب بها الدنيا كلها …

عن admin

شاهد أيضاً

هبة علي تكتب..الحب في بيت النبوة…

أحب كثيرآ مطالعة سيرة النبي عليه الصلاة و السلام و صحابته الكرام ، و أحب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *