الرئيسية / مقالات / الإعلامية كريمة أبو العينين تكتب ..بالحب نبدأ ….

الإعلامية كريمة أبو العينين تكتب ..بالحب نبدأ ….

عقب عودتها الى وطنها الام بعد سنين الغربة والبعاد ذهبت اليه وكلها شوق لان تحكى له ماذاقته فى غربتها وماعانته فى بعادها عنه .. ارتدت مايتناسب مع عادات مجتمعها الذى انسلخت منه هربا من تسلط اخواتها الذكور فقد كانت وحيدة على سبعة ابناء وكان كل منهم يمارس عليها فنا من فنون الرجولة المبكرة واسلوبا فى قهرها واجبارها على قول حاضر ونعم .

عبثا حاول ابيها ان يحميها منهم الا ان امها كانت تعارضه وتؤكد ان اخوتها لهم حق تهذيبها وتقليم اظافرها ، كانت تكره طريقة امها فى التعامل معها وتحب ابيها وتحترم ضعفه امام عصابة امتها من اخوتها الذكور .

كانت ميرنا اجمل فتاة فى المنصورة كلها وكان الكل يمنى نفسه بمجرد ان تلقى عليه نظرة فمابالك بمن كان يحلم بأن تكون شريكة عمره ، ميرنا لم تهتم الا بالتعليم وبجارها حاتم الذى يكبرها بخمسة اعوام واوشك على انهاء دراسته الجامعية وتخرجه من كلية الهندسة . عصبة اخوتها كانوا يحاصرونها فى كل تحركاتها بعدما فشلوا فى اقناع ابيها بحرمانها من التعليم الجامعى والاكتفاء بالثانوية العامة التى كانت من الاوائل منها ومن المكرمين من المحافظ والمحافظة فقد بكى ابيها واستعطف اخواتها كلهم وامها ان تسمح لها بالالتحاق بالجامعة لانها تحب ذلك وسعت اليه وتفوقت من اجله وبعد استعطاف قابله تجبر من اخواتها واعقبه لين واذعان من ميرنا بالموافقة على كل مطالب اخواتها والتى تركزت كلها باصطحابها فى الذهاب والاياب والا تحدث شباب وان ترتدى ملابس فضفاضة والا تضع المساحيق وان تقسم بأغلظ الايمان انها لن تفعل اى شىء يغضب اخواتها ويدنى من قيمتهم .

وانتهت هذه المأساة بدخولها جامعة المنصورة ومعها اكبر اخوتها احمد الذى كان يمشى بجوارها وكأنه يصطحب مجرم او من المشبوهين فهو لاينظر الى الطريق بقدر ماينظر اليها ويرى اين ولمن وكيف تنظر ، وعندما وصلت الى ابواب الجامعة اراد ان يستكمل خطواته معها الا ان الحرس الجامعى منعه وطلب منه اظهار هويته الجامعية وحينها اصفر وجهه وتغير لونه فهو لم يكن من اصحاب التعليم وكان ككل اخوته حاصل على دبلوم وان تغير تصنيفه مع اخوته ، وربما كان ذلك سبب رفضهم لان تتم اختهم تعليمها العالى . عاد اخيها ودخلت هى عالم جديد كل مايعنيها فيه مستقبل علمى باهر يأخذها الى مكان ومكانة تحلم بها ليل نهار ، وفى هذا العالم تثاقلت خطاها ناحية جارها وزميل الجامعة وحينما رآها لم يتمالك نفسه من الفرحة واقترب منها وسلم عليها وتمنى لها عام ناجح .
مضت سنين الدراسة سريعة وان كانت عصيبة متواصلة الاداء والعمل ويتخللها نسمات من الحب تتجلى مع من اعترف لها بحبه وبأمانيه ان تظل معه عمره كله الا انها صارحته بالميثاق الغليظ الذى املاه عليها اخوانها والذى يقضى بأن تنهى تعليمها اولا ثم يأتى موضوع الزواج والحياة الاسرية .

اتفقا على ان يكونا حبيبان حتى تنتهى من دراستها ،،وفى تلك الاثناء يعمل هو على بناء مستقبله المهنى والعائلى . وتخرجت ميرنا بتفوق كعادتها وأهلها ذلك للعمل فى الجامعة كمعيدة وحينها رفض اخواتها وحلفوا بالطلاق انها لن تكمل ورموا بتوسلات ابيهم ودموعه عرض الحائط وايدتهم امهم وامها واعلنت ان عريسها جاهز ابن اختها صاحب المخبز والعمارات والسيارات .. ولاول مرة تستجمع قوتها وجرأتها وتعلن رفضها وتؤكد انها ستعمل فى الجامعة وانها لن تتزوج ابن خالتها ولن تتزوج بهذه الطريقة ابدا وانها ستختار شريك حياتها. ولاتدرى ماذا حدث بعد ذلك فقد تكالب عليها اخواتها وكل منهم يصوب لها مااستطاع من صفعات وركلات ، وتقع ، وهم مصرين على مواصلة اهانتها وامتهانها ويحاول ابيها رغم وهنه حمايتها الا انهم يزيحونه بعيدا فيرتطم بالحائط ويلفظ انفاسه الاخيرة ، وحينما تحاول هى ان تصرخ يلتفون حولها ويملون عليها ماستقوله اذا ماحدث اى قلق او شك فى سبب الوفاة ويقولون لها …الحاج اتزحلق اتخبط فى الحيطة ولما امنا جريت عليه عشان تلحقه وتقومه لقيته قاطع النفس ، سامعه ، هتقولى كده هنسمحلك بانك تكونى معيدة ، هتقولى غير كده هيكون آخر يوم فى عمرك ..

بكت ميرنا كما لم تبك عمرها وارتضت بما امروها به وبعد فترة اختفى حبيبها ولم تعلم اين ذهب كان الكل يتهامس عن اسرار وعن خفايا وخبايا وراء اختفاءه ، اصبحت ميرنا كارهة للبيت ولبلدتها كلها واعياها البحث عن حبيبها واصبحت كئيبة وحيدة الى ان بشرها استاذها بمنحة دراسية فى المانيا رشحها اليها للحصول على الماجيستير والدكتوراه ، بكت من الفرحة ولكنها قررت الا تخبر اهلها ولاحتى امها وانهت اوراقها فى سرية تامة وحزمت حقائبها وطارت الى القاهرة ومنها الى المطار فالطائرة فأرض الخلاص والنجاة . علمت بعد سفرها ان اخواتها وامها احلوا دمها وانهم صنفوها بالمارقة ، لم تهتم وكرست حياتها للعلم ونجحت وعرضت عليها الجامعة المعارة اليها العمل فيها فقبلت وارسلت الى اهلها تبلغهم بهذا الخبر الذى كانت تظن انه سيسعدهم ولكنهم لم يردوا عليها ومع ذلك ارسلت اليهم اموال كثيرة حينها فقط تغيرت الاحوال وتحدثوا اليها واعلنوا السماح والعفو والمغفرة ، لم تكن ميرنا تفعل ذلك حبا لهم بقدر ماكانت تفعله لتبرهن لهم خطأهم فى تعاملهم معها وتحكمهم فيها ، ارسلت اموالا لامها كى تحج واعانت اخواتها كلهم لكى يصبحوا من الاعيان والاثرياء ورجال الاعمال.
افنت عمرها بين العمل والعلم واثراء اهلها والبحث عن حبيبها،، واعياها البحث والسؤال وماتت امها وهى فى الغربة .وحدث شيئا فارقا فى حياتها فقررت على اثره ان تعود .وعادت واستقبلها اخواتها استقبال الفاتحين ظانين انها فى اجازة وستعود مرة اخرى الى هناك وتواصل ارسال الاموال التى لم يكتفوا منها مهما بلغ ثراءهم وغناهم . لم تقل لهم انها قررت الاستقرار فى مصر وانها ستدرس بالجامعة وتركتهم بين توقعاتهم وامانيهم وذهبت اليه فقد عرفت مكانه اخيرا ، تسابق خطاها امانيها ووقفت امامه وقالت وكلها حزن الم تكن قادرا على ابلاغى بمكانك وبما فعلوه بك ؟
لماذا اخفيت عنى انك اجبرت جبرا على الابتعاد عنى ؟
كيف تحملت قسوة مواجهتهم واجبارك على البقاء وحيدا بدونى ؟
عمري كله قضيته بحثا عنك ، كنت كثيرا اظلمك واقول انك عرفت غيرى ، وتخليت عنى ، ونفضت يدك منى ، وتنصلت من عهد حبنا بأن نظل معا، احيانا كثيرة كنت ادعو عليك بكل انواع الدعاء القاهر الهالك لك ولمن ارتبطت بها وتركتنى ، واحيانا اخرى كثيرة كنت ادعو الله ان اراك واشكو اليك ولهى وتقطع قلبى بدونك واستجير بك منك واطلب منك الا تتركنى .. عمرى كله قضيته وانا ملكك وقلبى لاينبض الا لك وجسدى رافض اى اخر غيرك يلمسه لمسا..
وتنحنى ميرنا وتسجد وتجلس وتهيل تراب القبر على راسها وتقول لحبيبها المدفون فى هذا القبر .. انا من قتلتك ، حينما احببتنى وحافظت على حبك وتقدمت لاخواتى تطلبنى منهم بعدما علمت بما فعلوه بى حينما اعلنت رفضى للزواج من ابن خالتى وباننى ساواصل التدرج فى السلك الجامعى ، لم اكن اعلم مافعلوه بك الا من يومين فقط فقد اخبرتنى بذلك ابنة جارتنا فى خطاب طويل ارسلته لى فى المانيا تشرح لى مارأته وهى صبية لم تتخطى الخمسة عشرة عاما رأتهم وهم يقتلوك نعم قالت لى انهم اجتمعوا عليك ومعهم ابن خالتى واسخنوك ضربا لانهم عبثا حاولوا ان يجبروك على الابتعاد عنى ولما اصر رت على انك ستتزوجنى برغبتهم او بعدمها ماكان منهم الا ان قتلوك والقوا بجثتك فى النهر الذى اخذها بعيدا ولم تظهر الا بعد سفرى ولم يتوصل البوليس للقانل ولم تستطع ابنة جارتنا كما ذكرت لى فى خطابها ان تقول شيئا مما راته فقد تملكها الخوف وحتى الان لاتزال خائفة…

عن admin

شاهد أيضاً

هبه علي تكتب.. اغرس شجرة .. تصنع حياة..!!

في ظل مانعاني منه اليوم من تغيرات مناخية متطرفة وارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *