الرئيسية / مقالات / الإعلامية كريمة أبو العينين تكتب …باسبور قديم…

الإعلامية كريمة أبو العينين تكتب …باسبور قديم…


منذ خمس سنوات وربما اكثر استيقظت على صوت هاتفها فى ساعة مبكرة من يوم رمضانى ، فتقول لها أمها وهى تبكى بهيستريا : بابا مات .. تعالى بسرعة انا مش عارفة اعمل ايه …!!!

.. الصدمة كانت اكبر من ان تتحملها ، فهى كانت تعشق اباها وترى فيه حياتها كلها ، فكيف يموت ويتركها ، وكيف استطاع ان يفكر ويتخذ قرار بالبعد عنها ، استغفرت ربها على ماقالته ، وأعدت حقيبتها وتوجهت الى المطار كى تسافر الى امها وتودع اباها ، وفى المطار لم تتمكن من السفر لان جواز سفرها منتهي المدة .

كيف لم تعرف ذلك ، هل مضت سبع سنوات وهى فى غربتها تبحث عن مستقبل صنعته فى خيالها وحاولت ارساء قواعده على ارض الواقع ، وكيف طوال هذه السنوات كانت تصدق ان اباها يصر كل عام ان يأتى هو لزيارتها بحجة انه يريد تغيير جو والتنزه فى بلاد الفرنجة ، وكيف لم تفطن الى ان اباها كان يشفق عليها من مصاريف الرحلة وايضا كان يخشى على بيتها من عدم الاستقرار اذا مااصرت هى على قضاء اجازتها كل عام فى بلدها مع ابيها وامها ، كيف لها الا تفهم ان اباها فعل كل ذلك كى يجنبها اية مواجهات مع زوجها الذى تعيش معه فى بلده .

الان فقط علمت كل ذلك عندما ارتطمت بهذه اللحظة الفارقة فى حياتها ، فشلت محاولاتها فى اقناع المسؤل فى المطار بالسفر وتعهدها بكل الضمانات من اجل تجديد الباسبور ، اتصلت بزوجها تخبره بما يحدث وبأنها بحاجة اليه كي يدلها على طريق الخروج من هذا الموقف ، كان فى مهمة عمل فى مكان بعيد عن العاصمة ولما اخبرته بوفاة ابيها وبانها فى المطار تريد الذهاب لامها كي تكون معها فى هذه المصيبة لانها وحيدة ابويها ، وعلى الرغم من ان زوجها كان على اختلاف معها وتاركا منزل الزوجية منذ عدة اشهر الا انه جاءها مسرعا ، ونصحها بالسفر بحرا على ان يقوم هو بتجديد الباسبور ويلحق بها

. عادت الى بلادها ولكنها لم تودع اباها لانها جاءت متأخرة ورضخت امها لاوامر الاقارب وخاصة اقارب الزوج بضرورة دفنه تنفيذا لمقولة لايعرف مصدرها بأن اكرام الميت دفنه . كل شىء وقعت عليه عينيها كان غريبا حتى أمها فقد ذبلت وانهارت واصبحت كومة من المشاعر الحزينة وكل مافيها يتساءل كيف ستعيش بدون زوجها فهو كان كل شىء ، عودها على ان يقوم بعمل كل ماتفكر فيه وما لا تفكر فيه حتى .

بعد ايام جاءها زوجها ومعه الباسبور وقد تم تجديده وطلبت منه ان تبقى مع امها حتى تتماثل للشفاء وتقف على قدميها مرة اخرى.

ولم تشف امها ولم تقف على قدميها من جديد بل حملت فى نعشها ولحقت بزوجها بعد عشرة ايام من وفاته ، وبالباسبور الجديد عادت من حيث أتت ولكنها لم تصبح كما كانت …

عن admin

شاهد أيضاً

هبه علي تكتب.. اغرس شجرة .. تصنع حياة..!!

في ظل مانعاني منه اليوم من تغيرات مناخية متطرفة وارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *