منذ صغرى وانا ضمن اهل منطقتى من المنبهرين بها وبجمالها وسموها وتعاليها . اميرة كان اسمها وكانت صفاتها مقترنة باسمها فهى تتكلم كالاميرات وتمشى مثلهن وتعيش كما لو كانت منهن رغم انها تعيش فى منطقة شعبية جاءت اليها منذ بضع سنوات مع ابيها وامها واخ لها يضاهيها فى الجمال وليس فى السلوك .
اعترف بأننى وقعت فى حبها وحاولت مرارا وتكرارا ان الفت انتباهها وعندما حدث ماعشت من اجله صارحتنى بأنها ترانى اخا وصديقا وبأنها لاتتصور الحياة بدونى ..
بهذه الكلمات اغلقت اميرة كافة ابواب الحب امامى ولكنى لم استطع ان اتوقف عن حبها ومنيت نفسى بأن تأتى الايام بتغييرات تجعلها تحبنى .. مضت الحياة لاجد نفسى قد ابتعدت عنها لسفر اسرتى الى دولة عربية ، فى بادىء الامر كنت اراسلها وتراسلنى وتحكى لى عن تفوقها فى الجامعة وعن سعادتها بالتحاقها بكلية كانت تسعى لان تكون ضمن طلابها ، وقلت رسائلها واختفت ولم تعد ترد على رسائلى لاقنع نفسى بعدها بأنها ابعدتنى عنها بكامل ارادتها ، ورغم ذلك الا انها لاتزال تتربع فى قلبى وترفض ان يدخله ايا غيرها حتى عندما تزوجت كانت هى لاتزال فى سويدائى ، وزوجتى اعيش معها عيشة الزوج فقط وليس الحبيب لان هذا النوع اختزنه لها هى فقط اميرة ..
بعد سنوات من الغربة قررت ان اعود الى الوطن واستقر فيه رافضا معارضة ابواى وايضا اسرة زوجتى التى امضت اكثر من ربع قرن فى هذه الدولة الخليجية ، زوجتى كانت كعادتها لاترفض لى طلب وتترك لى حرية اتخاذ القرارات لانها كانت تقول لى انك اكثر دراية بمصلحتنا انا والاولاد . عدت مصر وبداخلى رغبة وحيدة ان ارى اميرة واضمها الى صدرى وانظر اليها نظرات طوال تشبع بعدى عنها. مضى اسبوع تلاه اخر وبعد شهر استقرت اسرتى فى شقة فاخرة اشتريتها من زمن واسستها اجمل اثاث وانهيت اجراءات تحويل اولادى الى مدارس مصرية واستلمت عمل فى شركة للكمبيوتر مجال تخصصى وبدأت حياة جديدة بؤرتها ان التقى بأميرة مرة اخرى واقنعها بأن مابيننا ليس صداقة ولاجيرة ولكنه حب وهى لم تعرف كيف تفسره واخطأت عندما وصفته بالصداقة والاخوة ، ذهبت الى منطقتنا القديمة وسلمت على اصدقائى وجيرانى الذين رحبوا بى وسألونى عن ابى وامى واخوتى واجبتهم بأننا فى احسن حال ، نظرت الى اعلى حيث نافذة اميرة التى طالما تعلقت رقبتى بالنظر اليها لاراها وارسل اليها النظرات الولهة والحب الغض ، جذبنى صديقى وقال لى لقد انتهت !!
فتعجبت من الوصف وقلت له ماذا تقول هل ماتت ؟
قال ياليتها ماتت ؟
ولكنها على قيد الحياة جسدا بينما روحها اخذت منها من زمن .. حكى لى صديقى ماحدث لاميرة وحبها لزميلها فى الجامعة ووقوفها بجواره ليتخطى كل الصعاب ويصبح نجما براقا وحينها يتركها ولا احد يعرف السبب فتصبح هى على ماهى عليه الان جثة صامتة اتى بها ابيها من بيت زوجها الذى تركها معلقة وعاش حياة النجوم ينهل من بذخ الحياة نهلا .
لم استطع ان اتحمل ماقاله صديقى وتركته وصعدت درجات السلم وكل سلمة تعيدنى الى عمرى الذى قضيته بجوارها وحبى الذى لم ينضب يوما وشوقى الذى ازداد منذ ان سافرت وحتى عودتى اليها ، طرقت الباب فتحت لى طفلة جميلة عرفت فيما بعد انها ابنة اخيها وسألتنى من انا قلت لها ماجد صديق قديم لباباكى وعمتك .. ردت بسرعة قالت بابا فى الشغل وجدو وتيتا نايمين مفيش غير طنط اميرة اللى صاحية لانها مبتنامش ، وقالتها بصوت منخفض مستكملة الكلمة بتفسير لعدم نومها لانها تخاف ان تراه فى المنام لذا فهى تفضل اليقظة ..
طلبت منها ان اذهب لعمتها اسلم عليها فردت بسرعة .. مبتتكلمش خالص . تصنعت عدم الفهم ودخلت الشقة التى كل مافيها يتحدث معى عن مشاعرى التى نثرتها فى كل مكان فى قلعة حبها . وقعت عينى عليها بشعرها الطويل المسدل وعينيها الجميلتان التى اصبحتا حزينتان ، لم تكن هى اميرة التى عرفتها واحببتها كانت جسد بلاروح ، بقايا امرأة ، مددت يدى لاسلم عليها ولم تمد يدها ، جلست بجوارها قبل ان تطلب منى ان اجلس لانى خفت ان تطردنى . بكيت بحرقة وقلت لها ليه كده ، عملتى فى نفسك كده ليه ، مين ده اللى يستاهل انك تعذبى نفسك عشانه كده ،.. همست فى اذنى ابنة اخيها بأنها لاتتكلم وتركتنا وجرت الى حجرة كان يعيش فيها ابيها ايام العزوبية وربما تعيش فيها ابنته لتكون بجوار الجدان والعمة فى غياب ابيها .. ،واصلت الحديث مع اميرتى وعدت بها الى سنين صداقتنا وحكاياتنا ورسائلنا التى لم تدم ولاادرى لماذا توقفت عن ارسال المزيد من الرسائل لى عندما كنت خارج البلاد بالجسد فقط بينما روحى كانت تعيش معها ، تحدثت كثيرا عن كل شىء وعن حبى لها الذى لم ينته ولن ينتهى . وعندما ذكرت الحب نظرت لى وقالت انتم لاتعرفون الحب، فقط تقدسون الغرائز والرغبات ، الحيوانات ارقى واطهر منكم فهى لاتهجر اليفها مهما حدث ، وهى لينة القلب تغفر لحبيبها بينما انتم معشر الرجال قساة القلوب ، انانيين ، فيكم من الغدر مايكفى البشرية كلها .. قلت لها لاتعممى يااميرة فأنا احبك ولازلت وعلى استعداد ان اتزوجك وانسيكى ماعانيتيه من هذا المارق الذى لايستحقك ، ولم اكد انتهى من جملتى حتى ثارت وقالت لى : حبك لى خيانة لاخرى اراك تلبس دبلتها فى يدك اليسرى مثلك مثله بالضبط عندما دمر حياتى كلها بقوله انه لم يعد يحبنى وانه لايستطيع ان يواصل عمره معى ولايدرى مالسبب ولكنه على يقين اننى مرحلة انتهت من حياته ، ورقة طواها ولايريد ان يستكمل فيها خطاه . علا صوتها ونحيبها وقالت لى ؛ تخيل بكل بساطة انتزعنى منه ، وبكل برود اعلن استقلاله عنى ، ولم يراعى مشاعرى ولا نظرات الناس لى ولا سنين صبرى على فقره ومشوار نجاحه ، كل مافعله عندما شبع منى ان تبرأ من كل مايربطه بى وتركنى هكذا كما ترانى جثة بلاروح .. صمتت لوهلة ثم قالت وهى تنتحب هل تستطيع ان تقتله ان استطعت فأنا ملكك ..