منذ صغره ويسمع اباه وهو يقول له ولاخوته ان الحرام يذهب بالحلال ويزيله ….
ولم يستوعب فى صغره مدى حرص ابيه الدائم على ان يذكر لاولاده دوما مساوىء القرش الحرام والسلوك الحرام ايضا الى ان جاء يوم استيقظت الاسرة كلها على طرق عنيف على الباب لم ينتظر لان يفتح لهم الباب احدُ من اسرته فقد اقتحمه مجموعة عرف منهم انهم من الشرطة ، اختفى اكرم خوفا فى احد جوانب البيت ومعه قلب منكسر ودموع متدفقة على ابيه الذى اقتادته رجالات الشرطة بتهمة الرشوة ولم يرحموا ضعفه ووهنه وقسمه بأغلظ الايمان بأنه برىء وان هذه التهمة ملفقة لانه كشف مخطط رئيس الشركة وزبانيته لادخال اغذية فاسدة الى البلاد بغطاء رسمى وبتسهيلات مدفوعة الاجر مسبقا….
لم يحصل ابوه على البراءة ولاحتى التصديق بما قاله وحكم عليه بالسجن ولكن قضاء الله كان اقرب وتوفى ابوه فى قفص الاتهام وبعد سماعه بالحكم عليه بالسجن خمسة عشرة عاما….
بموت ابو اكرم تشرذمت العائلة وتفرقوا فقد عادت امها الى بلدها الشرقية وبصحبتها ابنتيها خوفا من تلطيش سمعتهما بما اقترفه ابوهم وعدم زواجهما عندما يكبرا ، واخوة اكرم الثلاثة الكبار آثروا السفر خارج الوطن ليطووا صفحة ابيهم ولا يعيشون ملطخين بجريمته الشنعاء على حد وصف المجتمع كله الا ابناءه فهم كلهم لم يصدقوا الا ماقاله ابوهم لهم بأنه مظلوم وان رئيس الشركة واعوانه هم من فعلوا به ذلك ….
كل آل اكرم تركوا المنزل الا هو ظل فيه يعمل فى احد المحلات بائع ويدرس وبالتحديد فى كلية الحقوق حتى يحصل على براءة ابيه ويبيض صفحته على الرغم من وفاته وغيابه عن الحياة الى الابد…
عندما نال الليسانس كان هدفه ان يعمل فى شركة ابيه او بالاصح التى كان يعمل فيها ابوه وجعل اسمه مقترنا بلقب العائلة حتى لايتعرف احد عليه ، استطاع فى فترة وجيزة ان يخترق مساحات فى قلوب ومشاعر اصحاب الامر والنهى فى الشركة وخاصة رئيسها الذى حرص على ان يقربه اليه ويصطحبه معه فى كل اجتماعاته ولقاءاته ، اتم الان فى هذه الشركة عام بالتمام والكمال حقق خلاله ماعجز عنه اخرون خلال اعوام من العمل فى نفس الشركة فقد اصبح معروفا وذو مكان ومكانة وايضا خبيرا فى الثغرات القانونية والمدخلات الاداراية ….
عام جر معه اخر واخرين وبعد خمس سنوات حصل على كافة المستندات التى تبرىء اباه واسرته كلها ولكن هذه المستندات ستسجن ابو من احبها وفاض قلبه حبا وتعلقا بها ، واصبح كل يوم وكل ساعة يحدث نفسه ويحاول ان يتخذ قرار هل يضحى ببراءة ابيه مقابل بناء حياة جديدة مع ابنة من زج بأبيه الى السجن ودمر سمعته وشتت شمل ابناءه وقتله حزنا وهما ، صراع وصدام نفسى متكرر ومتواصل والنتيجة واحدة الصمت وعدم القدرة على الخروج بخطوة واحدة تنهي هذا العبث النفسى الذى ترك اثاره على مظهره وعلى تركيزه وعلى كل مافيه ….
القرار جاءه ببساطة فى اخر جملة من حوار للبطل مع نفسه حول محبوبته الكفيفة التى احبته واحبها ولكنها قالت له انا لااريد حب فاشل وهذا هو حبك لانك ستظل معى بشفقة منك وانا ارفضها واؤكد لك حذار من الشفقة ..