الرئيسية / مقالات / الإعلامية كريمة أبو العينين تكتب …الابتسامة لاتفطر..!!

الإعلامية كريمة أبو العينين تكتب …الابتسامة لاتفطر..!!


منذ أن وعيت الدنيا وهى ترى كل من حولها متجهما…

تكاد الابتسامة تظهر على وجهه بصعوبة لتختفى خوفا من الأب الصارم الذى لايتحدث إلا بالحرام فكل شىء أصبح حرام والدنيا يراها أبيها بأسوأ مافيها…..

فى هذا البيت عاشت بسمة وكان هذا إسمها المخالف بكل حروفه لما تعيشه مع آب متشدد جعل من نفسه مشرعا ومحللا ومحرما لكل شىء وعلى أبناءه السبع …

الخمسة صبية والبنتان؛ أن يقولوا آمين دوما بلا أدنى تردد أو حتى محاولة تساؤل أو استفهام..

لم يخفف على بسمة هذه الحياة إلا أمها تلك السيدة المغلوب على أمرها ولكنها تتحمل من أجل البيت واستمرار الحياة لدرجة أنه منعها من زيارة أبويها وخدمتهما فى كبرهما ومرضهما لأن مسؤليتهما تقع على عبء اخوتها الذكور وأنها برضاءها لزوجها تدخل الجنة …

وبمخالفته تلقى فى نار جهنم…!!

مع شدة أبيها ولين أمها كانت تتشكل شخصية بسمة وأصبحت تقترب من أمها وتشحذ قوتها وتقنعها بأن مايقوله أباها ليس من الشرع فى شىء وان على أمها أن تذهب لوالديها وتكون معهما وتخدمهما وان اضطرت للكذب على زوجها لأن رضا والديها عليها هو الذى سيدخلها الجنة وليس الزوج ولكى تقنع أمها اصطحبتها معها لشيخ من الشيوخ الذى أكد ماقالته لها بسمة….

منذ ذلك اليوم وأصبحت بسمة انسانة أخرى فقد عرفت الكذب لإرضاء أبيها والمحافظة على تشريعاته وثوابته التى فرضها عليهم فرضا رغم شدتها وقسوتها وربما خطأها….

كبرت بسمة وازداد تأففها من قبول كل اخوتها للتشريعات الأبوية بلا تفكير ولا فهم ؛ كرهت فرض أبيها عليها وعلى أختها وأمها التجهم وعدم التبسم فى طريقهن أو فى النافذة وعند التقاءهم بالجيران والزملاء لأن المرأة عورة بكل مافيها وتبسمها فى وجه أيا كان فتنة تفتح أبواب المعصية وأدوات الشيطان؛ ولابد أن تتجهم المرأة ولايرى أحدا ابتسامتها ولايسمع صوت ضحكتها إلا المحللون لها.

كانت بسمة ترفض كل مايقوله أبيها وتفعل عكسه وتطالب أمها واختها بأن يسيرا على هداها الا أنهما كانا يخشيان العواقب ويكتفيان بعدم أخبار عائل الأسرة بما تقوله بسمة…

كانت بسمة أكثر تألما لاخوتها الذكور الممتثلين باذعان لأوامر الأب وبلغ خوفها عنان السماء من مستقبل هؤلاء الأخوة فى بيوتهم وتحولهم لنسخ متكررة من الأب….

تمرد بسمة ازداد مع كبر سنها واصرارها على تكميل تعليمها الجامعى رافضة رؤية أبيها بأن المرأة تتعلم لقراءة القرآن وتعليمه لأولادها وأنها خلقت لأن تكون زوجة ترضى من برضاءه عليها تدخل الجنة من أوسع أبوابها…

رفضت بسمة الخطاب الذين طرقوا الباب وكلهم يريدونها كما يرى أبيها…

برفضها ازداد رفض أبيها لكل مطالبها واجبارها على المكوث فى المنزل تخدمه هو وأمها لأن كل اخوتها تزوجوا بطريقة أبيهم وتنفيذا لما يراه صحيحا وسليما من وجهة نظره المتدينة كما يقول دوما….

لم يعلم الأب أن ابنته أصبحت أكبر كاذبة ومتمردة ومنفذة لما تراه صوابا فالتحقت بالجامعة انتسابا واستطاعت أن تنهى تعليمها وتحصل على الليسانس بامتياز وتعين معيدة فى الكلية وأيضا طوال سنوات الدراسة كانت تعمل أعمالا يدوية من تطريز وحياكة وتبيعها عبر صفحة لها على وسائل التواصل الاجتماعي لكى تنفق على دراستها ونفسها لأن أبيها كان يضن عليها حتى يجبرها على الإذعان لمطالبه وقبول الزوج والحياة التى اختارها لها….

وجاء يوم المواجهة لتقف بسمة أمام أبيها وتعلمه بأنها ذاهبة إلى الكلية لاستلام مهامها الجديدة كمعيدة ومستقبلا كدكتورة فعميدة فرئيس جامعة فوزيرة وربما فيما بعد رئيسة وزراء….

لن تنسى بسمة وهى الآن فى الخمسين من عمرها محاطة بعالمها من زملاء وزوج وابنين لم تنسى ملامح أبيها عندما انتهت من اطلاعه على مافعلته من وراءه وبدون علمه ولم تنسى أيضا كيف تبسمت أمها ابتسامة لم ترها بسمة طيلة عمرها على وجه أمها التى كانت مجبرة على التجهم فى كل فصول السنة وبخاصة فى شهر رمضان الكريم لأن الابتسامة كما يؤكد رب هذه الآسرة تفطر….

عن admin

شاهد أيضاً

هبة علي تكتب..الحب في بيت النبوة…

أحب كثيرآ مطالعة سيرة النبي عليه الصلاة و السلام و صحابته الكرام ، و أحب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *