الرئيسية / مقالات / الإعلامية كريمة أبو العينين تكتب…أن تولد ميتأ..!!

الإعلامية كريمة أبو العينين تكتب…أن تولد ميتأ..!!

كان رجل المكان وحديث الزمان فى مدينة ساحلية نشأ وكبر لابوين احدهما مصرى والاخر يونانى ، كانا ابواه نموذجا لكل معانى الحب والايثار ، فابيه المصرى كان صيادا بسيطا ويقولون انه ذات مرة ابحر بقاربه فأخذته الامواج الى اليونان حيث التقى بفتاته التى كانت قبلة الكل لجمالها الاخاذ وانوثتها الطاغية ، ويحكون ايضا ان ابيه لم يستطع العيش بعيدا عن موطنه الاصلى وحينما عاد لم تمض اشهر قصيرة حتى جاءت اليه كريستينا وتزوجها وعاشا معا.. وكانت وش السعد عليهكما يقولون عنها، فقد تعاقد مع واحدة من الشركات المعنية بتصنيع الاسماك واصبح يورد لها مايجود عليه البحر من نعم بلاحول منه ولاقوة ، وبمرور الايام والسنين اتسع رزقه واصبح صاحب اسطول من السفن واصبح من ابرز الشخصيات

كريستينا كانت كلما سافر حبيبها وزوجها تقضى فترة غيابه فى انتظاره على شاطىء البحر ويقابل جيرانها هذا السلوك بالتهكم وبعضهم يعتبره مثال للحب والاخلاص .

كريستينا انجبت ثلاثة ابناء وبنت ، وبهم ملكت قلب ابيهم اكثر مما كانت تملكه حينما التقى بها فى جزيرة رودس . مضت السنون بهذه الاسرة وكبر الابناء وكان الابن الاكبر هو حامل مشعل نجاح الاسرة والماضى فى اكتساب المزيد من النجاح والتفرد . فى يوم من الايام خرجت الاسرة فى نزهة على احد شواطئ هذه المدينة الساحرة وقضوا وقتا جميلا ينهلون فيه من احاديث ابويهما عن الحب والكفاح والصبر والنجاح ، وانتهت هذه الرحلة بعودة الابناء واصرار امهما على البقاء مع ابيهما بمفردهما يكملا يومهما السعيد ، وخلعت كريستينا ثيابها واصرت على ان تنزل البحر لتعوم وعبثا حاول زوجها ان يثنيها عن هذه الرغبة الجامحة لانه يعلم مواقيت النوات وافضل الاوقات للنزول فى البحر وايضا اوضح لها ان الليل قد خيم على المكان والسباحة تحمل مخاطر مابعدها مخاطر ، لم تسمع كريستينا كلام زوجها مما اضطره الى ان يرافقها فى البحر وهمست له وهى تسبح معه بأنها تحبه حبا لاينقص مقداره بل انه كالبحر يزيد ويطفو ويغرقها كلها فى حبه ، كان يستمع اليها ويتذكر اول لقاء لهما ويتذكر تاريخها معه الجميل المفعم بالصبر والامل والحياة ، وفجأة وهو غارق فى احلامه مع حب عمره تعصف بهما موجة قوية تأخذ منه حب عمره بعيدا عنه وينادى عليها وهو لايراها فقد حال الظلام بينهما، ويقاوم هو الموج ويطارد شبح الموت الذى يبتلع منه رفيقته ويصرخ وينادى ويبكى ويجرى هنا وهناك بلا جدوى ويرن فى اذنيه صوتها وهى تعلن له حبها باللهجة المصرية وبلغتها اليونانية ، ويجيبها بأعلى صوت انه لم ولن يحب غيرها فهى من فطر قلبه على حبها وفطمت حواسه وغرائزه على وجودها فى عمره .

يفعل المستحيل من اجل ان يعثر عليها ، ويجد نفسه محاطا بالكثيرين من سكان مدينته يحاولون ان يخرجوه من البحر ويقنعوه بأن يخرج معهم الى الشاطىء وينتظر الموج يلقى بجثتها اليه واليهم ، يصرخ فى وجههم كلهم مؤكدا انه سيجدها وانها لم تمت فقط هو بحاجة الى مصابيح كثيرة ومراكب ويحضرها من عتمة البحر وصراع موجه ، الكل ينظر اليه حزينا وتتجمع اسرته تبكى وتنتحب ويحتضنه ابنه البكر ويطالبه بالرضا بقضاء الله وبأن يعود معهم الى البيت وفى الصباح يعودون ومعهم كل مستلزمات الانقاذ ، ينهر ابنه ويطالبه بالعودة هو واخوته وتركه يعاند الحياة كلها من اجلها ومن اجل انقاذها وعودتها معه .

فى خضم كل هذه الاحداث تشرق اولى نسمات الصباح الحزين ومعها جثمان كريستينا الذى عندما رآه زوجها جرى اليه وجلس بجواره محدثا اياه عن كل ماجرى ومامضى وماسيأتى ، وكأنها لازالت على قيد الحياة ، بصعوبة بالغة ينتزع الاقارب والجيران والمسؤلين فى المدينة جثمان كريستينا منه ويظل هو رافض وفاتها متيقن من انها فى غفوة كعادتها عندما كانت تنام فى وسط اليوم ثلاثة ساعات تؤكد خلالهم لحبيبها انهم على قناعة فى بلادها بأن هذه القيلولة هى بمثابة اعادة لدورة الحياة فى الجسم البشرى .

بموت كريستينا مات كل شىء عند زوجها واصبح الابناء فى حزن متواصل وكلهم غير مصدق هذه النهاية الاليمة لاسرتهم التى كانت سعيدة . زوج كريستينا لم يسمع احدا صوته منذ وفاتها فقد ظل صامتا لايتحدث ابدا لاى احد كل مطالبه بالاشارات وكل ملامحه لايبدو منها غير الدموع والحزن والشحوب. كل يوم فى نفس موعد غياب كريستينا عن حب عمرها كان يذهب بطل قصتنا ويجلس قبالة البحر يبكى ويصرخ ويشير اليها بأن تأتى اليه ..
وفى يوم لم يجدوه ولم يخرج البحر جثته واصبح حديث المدينة ومادتها الخصبة بعضهم يقول انه قتل نفسه واخرون يقولون انه ذهب الى بلد كريستينا وعاش فيها متنعما ببقاياها من اهلها وجيرانها واخرين يؤكدون ان ابناءه محتجزينه لان اصبح يمثل عبئا نفسيا ومصدرا للشماتة والتشفى من اهل السوء فى مدينتهم ، فقط ابنه البكر هو من كان يعلم مكانه وزمان وجوده ولذا فقد اصبح هذا الابن رجل المكان وحديث الزمان …!!

عن admin

شاهد أيضاً

هبة علي تكتب..الحب في بيت النبوة…

أحب كثيرآ مطالعة سيرة النبي عليه الصلاة و السلام و صحابته الكرام ، و أحب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *