لاتنسى أبدا فرحة لقاءها الأول به وكم كان جميلا ونظراته حانية وتعلقه بها متواصلاً..
ولاتنسى ايضا لهفته عليها عندما تعود إلى البيت بعد ساعات من الغياب عنه ، وكم كان حنونا معها لدرجة أنه يحتويها بعينيه قبل ذراعيه ، كان يعلم بقدومها قبل كل من فى البيت ، فأريجها يعرف طريقه إلى حواسه كلها ويتغلغل إلى قلبه ليقول له إنهض فحبيبتك قادمة ..
سنوات قضتها معه لم يكن يوماً معها قاسياً ولاحتى بعيداً عنها مهما كان يشغله فهو دائم الحضور لها وبها ، احيانا كثيرة كانت تقسو عليه لسوء بعض من طباعه حينما كان يشعر بالجوع أو بالقلق ولكنه كان راضياً بما تعمله معه حتى لو وصل لحد العقاب البدني…
والغريب أنه كان يمتثل لها امتثال الابن الطائع وقت العقاب ولايتحرك من مكانه وهى تصب عليه جام غضبها الذي يتوقف بسرعة عندما تجده صامتاً راضياً فتحتضنه وتندم على ماصنعته معه ..
عاش معها أكثر من خمس عشرة عاما كبرا معا وبقيا معا بعد أن إنفض البنيان الاسري ولم يعد احدا من افراد اسرتها متواصلاً كما كانوا أيام العيلة واللمة وحضن الأم واهتمام الأب ….
البيت أصبح يملأه حبها وحبه ، يقتسمان كل شىء ويسعدان بأي شىء سعادتها مكتملة بحبه لها وخوفه عليها وحرصها على أن تكون آمنة مطمئنة وكان ذلك يتجلى لها حينما يجوبان شوارع منطقتهما الجميلة فى المعادي وتلاحظ عينيه وهى تتنقلان بين كل المارة وتنتقي منهم من يهم فقط بمعاكستها أو التقرب منها حينها كان يتحول لأشرس مخلوق فى الكون كل حرصه أن يحميها من الافاقين والمغرضين .. ..
اوقات تنزهها كانت أيقونة سعادتها وبؤرة محبته ففي هذه الأوقات يعرف كل منهما مدى غلاوة الاخر عنده وارتباطه به ..
لم تنس يوما تاريخ ميلاده وكانت تتذكر كل لحظة عاشتها معه وكيف أن حبه نما بنمو جسمه وسنه حتى أصبح هذا الحب هرماً من المشاعر الجميلة التي لم تجد مثلها فى هذا الكون فقد غمرها حبا واهتماما وسعادة…..
فى يوم بعد أن أتم أعوام حبهما الخمسة عشر لم تجده كما كان عندما يراها أو يسمع صوتها أو يشاهد طيفها فقد أصبح مخلوق آخر غير الذي اعتادته عندما يراها يجري إليها ويشب عليها ويحتضنها ويسعد بها وترى سعادته تنطق بها عينيه الجميلتين ، على عكس مااعتادته منه على مدى أعوام حبهما الطويلة….
فقد اصبح غير قادر على الجري إليها ولا التشبث بها ولا حتى احتضانها فقط يتابعها بعينيه ويحتويها بهما وفيهما كل المعاني والعبارات التي تعجز مجلدات الحب عن شرحها ووصف معانيها ..
بهذه النظرات وماتحمله من معاني طويت صفحة هذا الحب بموت صاحبها الذي عاش محباً ومات وفياً وتركها تتوه بدونه وتحزن من غيره وتترحم عليه وترفض رفضاً يصل لدرجة الشجار مع أيا ممن يقولون لها أنه كان كلباً …