منذ صغر سنه وهو يرى امه لاتدخر وسعا فى اسعاد من حولها القويب منهم والبعيد ، كم من ليالى سمعها وهى تقول لابيه : جاراتنا جوزها منه لله سابها بكوم عيال وجارى ورا الحرام لازم نعملها شهرية تغينها عن الحاجه ومد ايدها ولا والعياذ بالله الوقوع فى المعصيات .
وتكمل حديثها وتقول : ابو محمد الراجل الطيب فى شده وعيان وراقد ليه ايام وهو كان ارزقى فالدنيا ضاقت عليه انا ببعتلهم اكل ولبس بس بفكر ااجرلهم الدكان اللى تحت البيت واجيبلهم شوية ملبس على بسكوتات وتقعد فيه مراته او حد من ولاد ه لحد ماربنا ياخد بايده ويرجع للشغل تانى وان مرجعش اهه ديه شغلانه حلوه وهو كمان معدش حمل شغل التباعين صحته راحت ياولداه ..
ايام كثيرة ولا يختلف حديث امه عن ذلك الكلام طوال عمرها الى ابيه الرجل الطيب المحب لها الحريص على اسعادها وهو يعلم ان ماتفعله هو اكثر مايسعدها فكان دوما يوفر لها ماتريده اضافة الى مايأتيها من ميراثها فى ابيها فى ايجار فدان ونصف يتولاهم اخيها ويأتى لها مرتين فى العام بأموال وحصاد منهما تنفق معظمهم على احباب الله كما كانت تسميهم .
فى شهر رمضان كانت سعادة امه تصل الى عنان السماء وكانت عطاياها تتزايد وتنتشر فى البيت وخارجه وفطورا وسحورا ومابينهما، عاش عمره مع امه لانه كان وحيدها يسعد بسعادتها فى العطاء وسعادة ابيه فى اسعادها ، واحزنه مااعترى امه من كبر فى السن اتبعه تعب فى الحركة واصرار منها على مواظبة عطاءها رغم مايسببه لها من تعب فاحتج على ذلك وقال لها انا ياامى هعمل اللى بتعمليه ،
قوليلى بس اسماء الناس وعدد الاطباق وانا هتولى الامر ، بكت امه وقالت :مستعجل ليه ياابنى ، مسيرى مفارقة ، متحرمنيش من الارباح المؤجلة ..
وحينها سألها ابنها عما تقصده فقالت له : انا بحوش للجنة . وماتت امه وهى ضاحكة الوجه وبكاها اهل المنطقة كلهم وقالوا عنها الكثير مما يعلمه والاكثر ممن لم يكن يعلمه فقد اخفت اكثر مما اظهرت ، ورافق ابيه فى رحلة استكمال ماكانت تقوم بها ملكة البيت كما كان يناديها ابيه ، توالت السنون وانفض الشمل ومات ابيه وتزوج هو وانتقل الى عيشة اخرى وناس اخرين ولكنه لم ينس ابدا كلام امه ووصفها لما تقوم به من وصفه بالارباح المؤجلة فعمل على الاستثمار وجلب المزيد من الارباح وان لم تكن بطريقة امه لانشغاله فى العمل ولكنه لم يغير من وصايا امه وطريق ابيه وكان يضحك عندما ينظر لصورة امه ويقول لها : اشعر ان ارباحى المؤجلة ياامى قد فاقت ارباحك بمراحل ؛ ولكنه يتراجع ويتحول ضحكه الى بكاء وهو يطمئنها انه بأرباحه الموجلة وبكل مايملك لها ومن اجلها ..