بجملة اختنا وماتت كانت تنهى جدتى كل الحوارات التى لاتريد ان تزيد فيها ولاتخوض، فبمحرد سماعك هذه الكلمات ماعليك الا ان تغير حوارك او ترحل بعيدا عنها ..
عشت بداياتى وانا طفلة اسمع هذه الكلمات ولا افهم مغزاها ولكننى استوعب انها نهاية للكلام مع جدتى التى كانت تحرص كل الحرص على ان تزورنا باستمرار وتقضى معنا وقتا كنا نسعد به وبها ونحزن عندما تحزم امتعتها وتعود الى منزلها فى بلدتنا الام التابعة لمحافظة القليوبية.
لا انسى يوما عدت فيه من مدرستى حزينة وباكية وكارهة الحياة كلها ولدى رغبة ملحة فى الصراخ بصورة هستيرية لاننى صدمت من اقرب صديقاتى وجزعت لمعرفة حقيقتها وبأننى كنت واهمة بأنها صديقة وفية والمحزن انها لم تنفى عنها التهمة ولا حتى دافعت عن نفسها بل اكدت كل ماقيل واكثر وبررت ذلك بأن مصلحتها اهم وابقى
. عندما راتنى جدتى ملتهبة الخدود والعيون من كثرة البكاء ففزعت وسألتنى عما بى فقصصت عليها ماصدر من صديقتى فتبسمت ابتسامة لم ار مثلها طيلة عمرى من كافة البشر ونطقت جملتها المعتادة اختنا وماتت، فتبلمت انا فى مكانى لاننى افهم من ذلك انها اغلقت الموضوع ولاتريد الخوض فيه وانا اريد ان احكى واسمع ردة فعلها ..
التفت ناحيتى وجذبتنى من يدى واجلستنى امامها واعطتنى من كيس نقودها جنيها كاملا وكان ذلك بمثابة الثروة حينها وقالت : عارفة ياحبيبتى جملتى ديه بقولها من كام سنة ؟
وعارفة ايه حكايتها ؟
لم تنتظر منى اجابة مع اننى كنت متلهفة منذ زمن لاعرف مضمون هذه العبارة ..
استطردت جدتى وقالت : احنا كنا تمانية اخوات ست صبيان وبنتين انا واختى الله يرحمها .
اخواتى الرجالة ماشاء الله عليهم كانوا غناى ماغنى الا ربنا وليهم سلطه وعزوه والكل بيعملهم مية الف حساب وكانوا بيخافوا من الظلم وبيطلعوا خير بالهبل وعشان كده كانوا محبوبين وكانت دارنا دايما مليانه بالناس من كل شكل ومكان ..
المهم اختى جالها عريس اخواتى موافقوش عليه عشان مش من مكانتنا ، اختى بكت لابويا وامى الله يرحمهما واصرت عليه وهمه كانوا بيحبوها لانها كانت جميله وحنينه اوى وميقدروش على زعلها فغصبوا على اخواتى انهم يقبلوا العريس واتجوزت وعاشت سنين فى بيت جوزها وكل يوم وكل وقت يزوروها او تيجى نلاقيها تعبانه وحزينه لغاية ماجه يوم اتصل بينا جوزها يبلغنا انها عيانه اوى وبتصرخ ومبتتكلمش ..
اخواتى جريوا وخدوها ومن دكتور للتانى لمستشفى والطب احتار فيها ورافضه الكلام خالص ، ابويا وامى من زعلهم عليها مستحملوش والاتنين ماتوا ورا بعض فى اسبوع واحد ، واخواتى قسموا نفسهم لرعاية اختى عشان نسوانهم ميقولوش فى يوم اننا راعينا اختكم فى يوم من الايام وانا كان من نصيبى ان اراعيها من حموم ولبس وتطييب وكنت ببكى عليها كتير وهى مبتتكلمش وقولها كلمينى انا اختك حبيبتك ايه مزعلك مين عمل فيكى كده ، وهى تعيط ومتتكلمش، اخويا الكبير كان يعرف رجل اعمال بيصدرله موالح عايش فى بلاد بره ، اخويا حكاله قاله انا ابنى دكتور نفسانى كبير نازل اجازه مصر هخليه يشوفها ويعرف عندها ايه ويعالجها ..
المهم الدكتور جه ومد اجازته سنه بحالها خلى اختى ترجع تتكلم وتضحك وعرفنا ان كان السبب جوزها واهله ، واخواتى اصروا تطلق وجوزها رفض ، اخويا الكبير عمل خديعه كبيره خاله النسوان يصوتوا. يعلنوا ان اختى ماتت وعملنا مراسم عزا ودفنا الخدامه بتاعتنا كانت عيانه ولما ماتت اخويا جاتله الفكره وسفر اختى مع الدكتور بره ..
وبعد شهر جه جوزها يطلب ميراثها فأخويا قاله ديه مامتتش ديه عايشه وانا هربتها بره عشان ابعدها عن الضغط واتفاوض معاك براحتى ، فجوز اختى صال وجال وهدد. بالحكومة اخويا قاله هطلقها هتاخد فلوس وهنتنازل عن كل حقوقنا هتعمل هيصه اعلى مافى خيلك اركبه ، بعد اسبوع جه جوز اختى ومعاه قايمة طلبات واخويا وافق واداه كل اللى عاوزه وطلق اختى وبعد العده سافرلها بره وجوزها للدكتور اللى عالجها وخلاها ترجع لينا تانى بضحكها وفرحها وكان كل مالناس ييجوا عندنا ويقولوا اى اخبار عن جوز اختى اخويا يرد ويقول اختنا وماتت …