قررت أن يكون هذا اليوم خاليا من رسائل الطمأنه للأخرين بأن «بكره أحلى» وأن اتوقف عن مشاركة بعض الأغنيات المبهجة لتصدير روح ايجابية لأصدقائي على صفحات التواصل الاجتماعي..
وانتويت ألا التقط لنفسي “سلفي” لبث روح البهجة بداخلي.
قررت أيضاً هذا اليوم احصل على هدنة من مقاومة ألمي ومخاوفي من سيناريوهات حالتي الصحية.. فالمقاومة ارهقتني .
فليكن اليوم يوم السكون والاستسلام بإمتياز..
وأطفأت أنوار الحجرة واغلقت الباب واصدرت تعليماتي لعقلي أن يتوقف عن التفكير فيما هو اتِ وأغمضت عيني ليس رغبة في النوم لكن أملاً في قليل من السكون والسلام النفسي الداخلي
ارتخت جفوني واستسلم جسدي للسرير ولكن فجأة بدأت تنبعث رائحة غريبة أتذكر جيدا أنني شممتها من قبل ..
وبدأ التركيز يأخذ مساحته من عقلي إلى أن أدركت مصدر انبعاث هذه الرائحة
الرائحة مصدرها ذكرى قديمة منذ بضع سنوات تداعت لأنفي في ذلك الوقت ..
إنها رائحة ليلة الموت ..
اتذكرها جيدا نفس الرائحة التي شممتها ليلة موت أمي عندما اتخذت قرارا بالنوم بجوار جثمانها طوال الليل استعدادا لتغسيلها وتكفينها صباحا ..
أمي التى أصابها ورماً حميدا بالمخ وبعد استئصاله تحول إلى ذاك الخبيث الذى توغل وسيطر على أكثر من 90%من مساحة رأسها …
ماتت أمي نتيجة انفجار بشرايين المخ بسبب ذلك الخبيث وظللت بجوارها من منتصف الليل وحتى الفجر أشاركها الغطاء واتقاسم معها احساس الموت..
سويعات قليلة اغمضت فيها جفوني وجسدي يتمدد بجوار جثمانها ولكن لم يهدأ لي بال ولم يتوقف عقلي عن التفكير لأرسم سيناريوهات لذلك الحميد الذي يقبع بداخل رأسي أنا أيضا وقد يتحول في يوم من الايام إلى هذا الخبيث ..
نمت بجوار جثمان أمي نصف ليلة لأقوي نفسي ولأواجه الموت وأقول له لن أخشاك نمت جوارها كي أعيش التجربة مرتين
فلقد أكون سعيدة الحظ أنني عشت نصف موت قبل الموت فلا أبالي عندما يأتي يوم موتي.
وظللت استرجع أحداث وتفاصيل ساعات ليلة الموت.
وفجأة يرن الهاتف شقيقتي الصغرى تهاتفني صوتها مكتوما بالبكاء تعيشي وتفتكري الذكرى الثامنة لوفاة أمنا غدا..
