الصدق ، البٌر، الحب، الخير، حسن القول ، جبر الخواطر، الرحمة ..
خصال سامية، لاتستقيم الحياة بدونها وبدون غيرها من السمات الأخرى التى يجب ويلزم أن تكون ضمن مفردات قاموس الحياة …
الغريب أننى كلما تحدثت مع أغلب المحيطين بي ، متعجبة اختفاء هذه الخصال ومطالبة بأن تسود هذه السلوكيات بيننا ، أتهمونني بالغرابة وعدم المنطقية , واحيانا تكون ردودهم تهكمية قائلين :
“انتظرى حلم المدينة الفاضلة ” ومن شدة العبوس والامتعاض الذى يرتسم على وجوههم أثناء حديثهم عن الفاضلة ، تملكني إحساس أن هذه الفاضلة ..”سيئة السمعة” …!!
وأحيانا كان يهيء لي انهم عند ذكرهم عبارة المدينة الفاضلة يتبعونها بكلمة لاموأخذه…!!
ولأننى أرغب بالفعل فى أن أعيش فى تلك المدينة ولا أرغب أن تكون مجرد حلم لحياتي، أحاول بقدر الامكان أن أمارس تلك الخصال مع الاخرين ..
أنا لا أدعي الملائكية ولا أمتلك جناحين أحلق بهما في السماء ولكنني بشر أعيش على الأرض وأخالف كثيرا العُرف والتقاليد ولي ذنوب لكنها لاتصل لعنان السماء وسيغفرها ربي لقد وعدنا بذلك ووعد الله حق ..
لكني اتحسس سبل الخير والجمال والرحمة وأحاول بقدر الامكان أن أمارسها في حياتي مع الدوائر المحيطة بي..
هكذا جُبلت وهذا ما يملأ قلبي سعادة …
لكن غالبا ما اجد صعوبة فى ممارسة هذه السلوكيات مع من حولي لأن بني البشر “على كل شكل ولون” ومنهم من يعتقدون في، ماهو ليس في …
لكني أجتهد ولي ثواب الاجتهاد، طالما أسعى للخير وليس لغيره .
وبالصدفة البحتة ورغم مرور عشرات السنيين على هذه الرواية ، وقعت تحت يدى”مائة عام من العزلة “لتؤكد أنني لست الوحيدة التى أحلم ب”الفاضلة تلك ” …
و رواية ماركيز”مائة عام من العزلة ”
نشرت عام 1967، وطبع منها قرابة الثلاثين مليون نسخة، وترجمت إلى ثلاثين لغة .
يروي فيها الكاتب أحداث مدينة من خلال سيرة عائلة “بوينديا” على مدى ستة أجيال والذين كانوا يعيشون في قرية خيالية تدعى “ماكوندو”..
فالرواية فى بدايتها تسلط الضوء على رغبة ابطالها فى حياة يملؤها السلام والسحر والجمال والوصول إلى المكان الحلم، ولكن للاسف هذا المكان اهتدوا إليه الغجر…!!!
وبعد فترة طويلة من حياة السلم ، يطال الخراب هذه القرية مع وصول أول رجل سياسة إليها .
لتتحول “ماكوندو”الى مدينة عادية جدا بها حروب وكذب ونفاق .
يقول ماركيز،فى احد سطور روايته :”كانت الحرب، حتى ذلك الحين، مجرد فكرة غامضة بعيدة ، ولكنها ما لبثت، بعد ذلك أن أصبحت واقعاً مأسوياً ملموسا…!!!
ليس “ماركيز ” وحده بل من قبله كان افلاطون يحلم بالفاضلة…
ووجدت نفسي ليست وحيدة فى خندق الفاضلة ، معي البعض .
منهم من سبقوني زمنياً وقد تكون الظروف لم تجمعني بهم وجها لوجه…
لكننى أمنت وتأكدت بأن الفاضلة ليست سيئة السمعة “لامؤاخذه”…