لا أحب التابوهات ولا أحبذ القوالب الجامدة ورغم ذلك عشت سنوات عمري كلها-إلابضعها -أسير بداخل الحيط اعتنق الخجل وأبحث عن رضاء الآخرين ليس خوفا منهم وليس لأنهم على حق ولكن حفاظا على مشاعرهم..!!!!
-ألتمس الصواب دائما وأسعى إليه أحاول بقدر الإمكان أن أكون مثالية فعلاً وشكلاً وقولاً..!!!
ورضخت للتابوهات المجتمعيه رغماً عني وطواعية لتوجيهات أبي وأمي….
كان يحدثني أبي فيقول لي ” لو حد آذاكِ قوليله الله يسامحك “..
وكان دائم توجيه عبارة لي.. لم افهم معناها إلا بعد أن شببت..
”أنا عايزك تمشي على العجين ماتلخبطهوش“
وكانت تلقنني أمي درساً مراراً وتكراراً“ لو حد اتخانق معاكي ومسك في هدومك ااقطعي جزء من هدومك اللي ماسكها واتركيه عشان تبعدي عن آذية الناس يابنتي“ ..!!
عشت هكذا في” الكمفورت زون“ اعتقادا مني أنها ستكون المنجاة لأجد بعد ذلك أنها مجرد خدع الطفولة…!!!
شببت وكبرت ولم أركز في نتائج ما اعتنقته وما أسير عليه واستمرت خدع الطفولة معي في شبابي واعتنقت أخرى من نوعية تلك الأفكار لأحافظ على العلاقة طيبة بيني وبين الأخرين في حين أنهم لم يحرصوا على فعل ذلك معي وكبرت أكثر وأكثر وازدت حزناً وقهراً ……
وفي بداية عقدي الخامس بدأت الوقفه مع النفس واكتشفت أنني تنازلت عن حقوقي ومنحت كثيرا من طاقتي وتخليت عن أحلامي وطموحاتي راغبة في هدوء الحياة ظنا مني أن الكمفورت زون راحة….!!
لكن الحقيقة عكس ذلك تماما..
فكلما تنازلت وتخليت ومنحت كلما عانيت في هذه الحياة
لأن الآخر يصنف ما تمارسه من سلوكيات بالضعف ويزيد من استغلاله لك واحيانا يصف الآخر ماتفعله بالسذاجة ويجد أنه من حقه استثمار سذاجتك لصالحه..!!
اكتشفت بعد سرسبة السنين من بين يدي أن عبارة أبي..
”عايزك تمشي عالعجين ماتلخبطهوش“ غير صحيحة فنحن بشر اجساد لها ثقل ووزن وكتلة ومن الضروري اننا نلخبط العجين لو مشينا عليه…!!!
فالمثاليه والطاعة والتغاضي عن الحقوق والتسامح على طول الخط ليست أفضل الأشياء ….
اكتشفت أننا لابد وأن نكون بشر..
نتألم… نبكي.. نتوجع.. نتأوه… نقع.. نقف ونقع ثانية..
نعطي ونأخذ نُصيب ونُخطئ فاخطائنا تطهرنا تصنع منا طبيعيين ولسنا خارقين..
فالعثرات والسقطات والندبات التي يتركها الزمن على اجسادنا شرف نستحقه ويجب أن ننال هذا الشرف…
شرف يزيد من صلابتنا في مواجهة القادم ومخزون خبرات يمنحنا الوعي والادراك..
لاتسعى إلى” الكمفورت زون“ فرغم أن مدلول العبارة باللغة العربية منطقة الآمان إلا أنها لاتجعلك بمأمن عن سلوكيات وتكوينات بعض البشر التي قد تنالك بسوء وآذى…
فلك حرية الاختيار…
إما أن تخضع للقهر الروتيني والبيروقراطية الحياتية الموروثة وأما أن تلقي حجرا في مياة حياتك الراكدة وتمزق غشاء الكمفورت زون لتصبح إنسان قبل فوات الآوان…
وامشي على العجين ولخبطه لأنك إنسان جسد وكتلة وحجم وروح ولست ملاكا هائما في السموات السبع…..