نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاما ثم كسى اللهُ العظامَ لحما وسرعان مايتمرد الجسد على الروح ..
وداخل أرحام أمهاتنا ننتظر ونتمنى الخروج من الحيز الضيق الذي يقيد حركتنا..
ونحاول بشتى الطرق …
لكن دائما ماتتعثر محاولات الخروج .
وفي الوقت المحدد نفارق الحيز الضيق لنصطدم بعالم متسع نشعر أننا سنتوه في تفاصيله لأننا فاقدي السيطرة على أنفسنا ومنعدمي الحركة ..!!
فنتمنى لو تقوى عظامنا وتحمل اقدامنا اجسادنا ونسير خطوة فخطوات كي نرسم طريقنا ونحدد اتجاهاتنا.
وتتحقق الأمنية ونسير ولكن بخطى مرسومة لنا واهداف وضعت من اجلنا واحلام ليست احلامنا .
بضع سنوات أخرى و نحلم بدخول المدرسة والجامعة ونكبر وتثقلنا مضطلحات عديدة لاندرك منها سوى حروفها .
الدراسة والمناهج والشهادات والتخرج….
ونحلم أن تمر سنوات التعليم بسرعة ونحصل على شهادة التخرج الجامعية ، التي هي بمثابة جواز المرور لتحقيق الطموح، لنصطدم بالواقع ونجد انفسنا لانزال ندور في الدوامة نلهث وراء وظيفة مناسبة ثم نستكمل مدارات الدوامة لتكوين اسرة وانجاب اطفال لأنهم هم يريدون ذلك ..
لانحن…!!!
ووسط الدوامة ننسى احلامنا لأننا أُرغمنا على تحقيق احلامهم ،فنكرر الماساة مع ابنائنا ، ونحاول تحقيق احلامنا في اطفالنا وتظل الدوامة دائرة لاتنتهي .
صراعات دائمة هذا هو الواقع الذي أصبح سلسلة من الدوامات من أجل مزيدا من الحلم والبقاء والنجاح والتفوق وارضاءالشهوة لنظل في دائرة مفرغة .
لكن هناك القلة القليلة الذين رفضوا أن يتركوا انفسهم أسرى للصراعات ورفضوا أن يخضعوا لقوانين الدوامة
وهؤلاء هم من وصلوا لمرحلة النرفانا …!!
إذا كنت ممكن يكرهون الصراعات والدوامات ويرجون السلام النفسي ويبحثون عنه فعليك باعتناق النيرفانا ..
ببساطة تلك النيرفانا حالة الخلو من المعاناة.
هي أيضا حالة الانطفاء الكامل التي يصل إليها الإنسان بعد فترة طويلة من التأمل العميق، فلا يشعر بالمؤثرات الخارجية المحيطة به على الإطلاق، أي أنه يصبح منفصلا تماما بذهنه وجسده عن العالم الخارجي، والهدف من ذلك هو شحن طاقات الروح من أجل تحقيق النشوة والسعادة القصوى والقناعة وقتل الشهوات، ليبتعد الإنسان بهذه الحالة عن كل المشاعر السلبية من الاكتئاب والحزن والقلق وغيرها.
الفكرة قد تعود إلى أحد معتقدات البوذيه
ورغم أن الفكرة أحد معتقدات لديانة وضعية
لكني أؤمن بأن الافكار ليست لها ديانه أو جنسية الأفكار كما يقولون لها اجنحة تتمتع بالحرية لا يقيدها مكان ولازمان وليس لها انتماء أو جنسية طالما أنها أفكار ليست بفاسدة..
أفكارتدعو للسمو بالمشاعر والسلوك والهدف.
الافكار ولدت لتحيا وتنطلق وتعبر المحيطات والقارات دون اعتراضها ..
النيرفانا تجعلك تتحرر من معاناتك في اللحظة والمكان الحاليين، تدخل حالة النيرفانا التي تسمح لك بالاستمتاع ببقية حياتك دون ضغوط نفسية..
والنيرفانا حالة تشبه حالة التصوف أو التعبد أو حلقات الذكر من خلال مراقبة المشاعر بوعي وحضور كاملين للعقل و التحكم في تلك المشاعر تمامًا، بدلًا من الاكتفاء بمجرد إبداء رد فعل عليها.
فإذا التزم الإنسان بممارسة طقوس التأمل التي تتضمن مراقبة العقل للمشاعر، سيشعر بتحول جذري في علاقته بمشاعره، بحيث يصبح الخيار في يده بالإبقاء على مشاعره الجيدة وتجنب المشاعر السلبية.
لكن ذلك في النهاية يتوقف على مدى نجاح الإنسان في تركيز انتباهه على اللحظة الحالية والمكان الحالي، وإسقاط التفكير في المستقبل والماضي من حساباته..
أنت تستحق أن تكون حياتك خالية من الدوران في الساقية أو أن تكون أسير للدوامات والصراعات …
أنت تستحق أن تنتمي إلى كوكب “النيرفانا”..