منذ سنوات طويلة – هي عمر قلبي المتوقف عن الدق – وقلبي يسير بتقليدية شديدة يضخ الدم المحمل بالاكسجين عبر الشرايين بعد تنقيته إلى الجسم ثم يعود ليجمعه مرة أخرى بواسطة الأوردة ليقوم بوظيفته التقليدية وينقيه ثم يعيد توزيعه مرة أخرى إلى الجسم وتتكرر العملية النظامية للقلب كي يعيش جسدي ..
اعتدت على هذا التقليدي رغم أنني أكره الروتين في حياتي وأحب أن أمارس قليلا من العشوائية فيها لأن العشوائية تعطي للحياة طعماً مختلفاً… ولكن مع القلوب فالأمر مختلف فروتين القلب أرحم بكثير من عشوائية دقاته ..
وكنت كلما شعرت بخلل في دقاته تنتابه بين الحين والأخر وخروجه عن المألوف نهرته ونصحته بالعودة لما هو عليه لأنني أخاف هذا وكما قال الحس الشعبي “من خاف سلم” وأنا أحب السلام …
ما علينا …
لم أعلم أن هذا اليوم سيكون مختلفاً رغم أنه بدأ تقليديا كالمعتاد بمشاهدة بعض فيديوهات الطاقة الايجابية والتصالح مع النفس على شبكات التواصل الاجتماعي والتي أحب أن ابدأ يومي بها لأشحن طاقتي الايجابية ، ثم استتبعها بمقطوعة من الموسيقى الهادئة لتبث بداخلي بعض الهدوء وبعد ذلك بدأت اتصفح صندوق رسائلي”الماسنجر” لأرد على اصدقائي.
كانت البداية رسالة من طبيبة نفسية تعرفني بنفسها وتدعوني للتواصل معها لتقديم بعض النصائح الاسرية لمن يحتاج اليها وجاءت الرسالة مصحوبة بمكالمة صوتية ترحب بوجودي ضمن قائمة أصدقائها..
إلى هنا الأمر طبيعي وارسلت رسالة لها لأشكرها على التواصل وأرحب بها وبدأت المحادثة بيني وبينها عبر الماسنجر كتابة و التي تطور فيها الحديث من تجاهها إلى أمور حياتية خاصة جداً لأشعر معها أن من يحادثني رجل وليس إمراة شعرت بالخوف الشديد لأن هذه هي المرة الأولى التي اتعرض فيها لمثل هذا الموقف وتداركت الأمر بعمل بلوك لهذه الشخصية الوهمية بعد أن وصل الحديث من تجاهها إلى مستوى اخلاقي متدني ..!!
ولكن تملكني الخوف وبدأ قلبي يدق بشكل غير تقليدي وارتفعت دقاته ، حاولت أن أهدئ من نفسي فبادرت لكتابة بوست على شبكة التواصل الاجتماعي “أنه تنتابني حالة من الخوف وارجو من الله طمأنتي ” وكان تصرفا عشوائيا من تجاهي ربما دفعني إليه الخوف .
وبدأت الأمور تستقر وتوقفت دقات قلبي الخائف وبدأت أطمئن شيئا فشيئا استجابة من الله و بتجاوب بعض الزملاء ودعواتهم لي بالطمأنه .
وما إن استقر القلب وعاد إلى دقاته المعهودة ليهاتفني من تسبب في عودة الدقات مرة أخرى إلى معدلاتها غير الطبيعية ليعلو صوتها ثانية ولكن هذه المرة حباً..
جاءت نبرات صوته متلهفة للاطمئنان ومعرفة ماوراء خوفي ومنحني كثيرا من الثبات النفسي بكلماته ووعوده أن يكون بجواري في حالة الاحتياج إلى سند أو “ضهر” وحذرني من أن أخشى شيئا على وجه الارض مادام هو موجود عليها ..
ورغم انتهاء الحديث ورغم بساطته وقلة مفرداته إلا أنه ذهب بي في عالم من التحليق في السموات السبع لأشعر بعشوائية دقات قلبي غير المعتادة تعود من جديد…
وحيث لازلت في السماوات البعيدة يأتيني خبر نجاح إبنتي الصغرى”لوكا ” في الشهادة الاعدادية بتفوق رغم ظروف قاسية مررنا بها جميعا لتكون دقات القلب هذه المرة فرحاً …
ومابين الخوف والحب والفرح عاد قلبي إلى دقاته وإلى عشوائيته التي أحبها وأعشقها ..
دمت قلبي نابضا لا حرمني الله منك ولامنه …