استيقظت ابو قير كلها على صراخ الست نجية وبكاء ابناءها الاربعة وذهول ابيهم ، صرخة نجية جمعت حولها الاهل والجيران ؛ والاغراب حتى ، الكل متلهف على معرفة اسباب صراخ هذه الاسرة الطيبة التى يشهد لها الكل بالاخلاق والرضا بالمقسوم …
فالاب سائق مقطورة يغيب عن اهله بالاسابيع ويعود محملا بما لذ وطاب لاولاده ولزوجته ، اليوم عاد واطعم اسرته بما يحمله من خير وذهب الكل الى مضجعه سعيدا ليستيقظوا على هذا العويل الذى اطلقته الام لانها لم تجد ابنتها فى غرفتها مع اختيها اللتان لم يعرفا السبب ولاحتى شعرا بأى شىء من الممكن ان يستخدم كخيط للبحث عن اختهم ملك …
حاول اهل الحى تهدئة الام والاب والاولاد بأسباب الاختفاء تحت بند ربما ، وربما ،وربما ؛ وبعضهم كان من الخبث ليغلف هروبها باسلوب معسول فى الكلام ، واخرين يرجحوا اختطافها ، وغيرهم يتحدثوا عن الجن والسحر وربما سحر لها احدهم لكى تترك البيت وتهرب معه ..
العاقلون من اهل الحي نصحوا بالذهاب الى القسم والبحث فى المستشفيات ولم تأت اى وسيلة بثمارها ، ليظل الاب المكلوم متنقلا هو واخوته الثلاثة الذكور من مكان لاخر للبحث عن ابنتهم ذات الست عشرة ربيعا …
كلما جاءت عين الاب فى عين زوجته يقرأ مافيها من لوم له لارغام ابنتهم على ان تخطب لرجل يكبرها بعشرين عاما والشروع فى اتمام الزيجة رغم استعطافها ابيها وتقبيل قدمه بانها لاتريد الزواج وترغب فى استكمال تعليمها ، ويتأكد الزوج من ان زوجته تريد ان تصرخ فى وجهه وتقول : انت السبب فى انها طفشت ، ولكنه بداخله يجد من ينفى ان ابنته هربت من البيت ، لانها كانت تحبه وتحرص على ان يظل شامخا مرفوع الرأس فى منطقته وفى الدنيا كلها…
اخيه الذى يليه فى السن وكان اسمه ياسر كان كل يوم يأتيه ليخفف عنه ويذهب معه فى كافة الاماكن بحثا عنها ، واخيه الاخر كان يصحو من نومه على تليفون من ابو ملك يطلب منه ان يأتى مسرعا فقد رآها، ويذهب اخيه اليه بسيارته ويجوب الاماكن التى يقول انه رآها فيها ويعودا من حيث اتيا ….
اوقات كثيرة كان يقول لاخوته انه سمع صوتها فى الحى وهى تناديه ويجرى بحثا عنها ويطرق الابواب سائلا الجيران عنها؛ لتزداد حالته سوءا ويهذى باسمها ويترك عمله ويتملكه الحزن ليمرضه مرضا عضالا لايتركه الا جثة هامدة ليلقى ربه ولم يعرف مصير ابنته . ..
عشر سنوات تمضى بعد موت الاب ويأتى يوم تطرق فيه ملك باب اهلها لتفتح لها امها وتأخذها فى حضنها ويبكيا معا وتطلب من امها السماح وتحكى قصتها وتقول لامها انا لم اهرب ياامى ولم اريد ان اترككم ابدا فهذا الامر كان مشورة عمى ياسر عندما قلت له اننى لااريد الزواج واريد ان اتعلم فقال لى : انا اتنقلت اسكندرية فتعالى اقعدى معايا يومين وانا هقنع اخويا بأنه يلغى موضوع الجواز وتكملى تعليمك ، وعندما طلبت منه ان اخبرك بما اشار على به رفض وقال لى احنا عاوزين نستعطفه مش نزود الموضوع قلق وامك تدخل وتقول لاخواتها والموضوع يكبر واخويا عندى هيزيد فى العند ويجوزك غصب عنك ؛ سيبينى انا اعمل كل حاجه ، همه يومين تقعدى عندى اقنعه وارجعك تانى . …
وعدوا الف يوم ياامى وفهمنى انكم هتموتونى لو رجعت وانكم بتدوروا عليا عشان تدبحونى ولما اقوله ليه ياعمى هو انت مقلتلهمش انى عندك ، يقولى ياخايبه لو قلتلهم يخدوكى منى بالبوليس ويموتوكى ، خمس سنين خدامه عنده والخمسه التانيين عند واحد صاحبه جوزنى ليه عشان مرجعش ليكم الا وانا متجوزه عشان اكون فى عصمة راجل يحمينى منكم لو عاوزين تأذونى ،وانا رجعت النهارده ياما عشان انفد بجلدى من جوزى الديوث واحمى نفسى من ظلم عمى اللى حرمنى منكم ….
انهت ملك حكايتها لتجد وراءها عمها وزوجها وقبل ان ينطق ايا منهما بكلمة تهجم الام عليه وتصرخ وتقول وهى تحكم قبضتها على رقبته : كنت حاسه انك ورا الحكاية وقلت لجوزى ولاخواته كلهم ياسر هو اللى مخبى ملك ، واخوك يزعق فيا ويقولى حرام عليكى ياشيخه ده مقطع نفسه معانا تدوير عليها وحزن ، واخواته يتهمونى بانى ست ظالمه ومبحمش ، وتبكى ام ملك وتنتحب وتتركه وهى تسأله : ازاى جالك قلب تشوف اخوك بيتجنن على بنته والحزن بياكله وانت عارف كل حاجه وساكت ، روح ياشيخ ربنا يسقيك من اللى سقيتنا منه ويشتت شمل بيتك ..
ينظر العم الى ابنة اخيه ويطلب منها العودة مع زوجها لبيتها ولابنها الذى كان واقفا بجوار امه منذ دخلت ولايدرى من هؤلاءوماذا يجرى ، تضحك ملك بهستيريا وتقول بصوت عالى اخرج ياياسر انت واللى اسمه جوزى لاقرب مأذون وطلقنى بالتلاته والا انتوا عارفين هعمل ايه….