لماذا لا تُقْدِم على الانتحار؟
قد يكون سؤالا صادماً لكنه في الحقيقة بداية لمشوار علاج نفسي يخرجك من حالة الاكتئاب التي تتملكك أو أوشكت على الاقتراب منها …
كيف هذا !!
”فيكتور فرانكل“ طبيب نفسي عاش فترة وصول الحكم النازي للسلطة في بلده النمسا عام ١٩٣٨ ..
كان ”فيكتور“ يعمل رئيسا لقسم الأعصاب بإحدى مستشفيات ڤيينا وفجأة وبدون أي مقدمات وجد نفسه يُلقى به في معتقلات النازيين عام ١٩٤٢بعد أن فقد والده وأخاه وزوجته الذين ماتوا في معسكرات الاعتقال …
لم يكن هناك أقران لفرانكل داخل المعتقل سوى الجوع والحزن والرعب من أن يلقى حتفه في لحظة بعد أن فقد عائلته بأكملها – تقريبا – في نفس المعسكرات …..
واستمر هكذا لفترة تجاوزت الثلاث سنوات حتى رجع لممارسة عمله كطبيب نفسي عام ١٩٤٥
جعل فرانكل من رحلته خلف أسوار الزنازين معنى..
لذلك عاش واستكمل المشوار وظل طوال ٢٥عاما يكافح ويدرس من أجل وجود مميز لكل إنسان في هذا الكون ،ويأخذ بأيدى مرضاه من عالم الاكتئاب والتوتر والمعاناة النفسية إلى عالم السكينة والهدوء النسبي..
كانت جلساته مع مرضاه تبدأ بسؤال مهم جدا …
لماذا لا تُقْدِم على الانتحار ؟
ليستخرج من أفواه مرضاه العلاج …
والعلاج كان ببساطة معنى حياتهم الذي يستحق أن تُعاش لأجله …
وكانت الإجابات مختلفة..
أحدهم يحب ابنائه لذلك لا يفعل ذلك
والثاني يحب عمله جدا
والثالث يحب أباه وأمه
والرابع يخشى الله
والخامس يحب رفيقته
وبذلك يمسك ببداية خيط العلاج ليجعل لحياة مرضاه معنى فلا يفارقونها بل يستمتعوا بمعاناتهم حتى ينتهي المشوار على الأرض…
مات فرانكل بعد أن تجاوز التسعين عاما ببضع سنوات ..
أي أنه عاش مايقرب من قرن من الزمان رغم ما مر به من عثرات وفقدان ومشاعر رعب وخوف..
لم أقرأ عن هذا الرجل منذ زمن بعيد لكني درست أحد كتبه في دبلومة مهنية إجتزتها منذ سنوات قلائل ..
الكتاب يحمل عنوان
”الانسان والبحث عن المعنى“
ووجدت أنها من أفضل الطرق لاستمرار مشوارك بهدوء ودون معاناة نفسية..
فرانكل هو صاحب المدرسة الثالثة للعلاج النفسي بالنمسا ..
وهي المدرسة الأكثر واقعية _وجهة نظري_في إيجاد حلول بسيطة للإستمرار في مشوار الحياة
ابحثوا عن معنى لحياتكم ليمر مشوار الحياة دون ضجر ..
أيقنت تماما بعد قرأتي لهذا الكتاب أن
المعاناة سمة أساسية من سمات الحياة وعدم وجود معاناة تعني انك ميت لا تتنفس ولا ترى ولا تسمع فالحواس جميعها ترى وتحس وتسمع الأضداد وسُنة الحياة… الاختلاف والصعود والهبوط ..
تمتع بمعاناتك وخلق معنى لآلامك يكون مشوارك في الحياة أكثر تقبلاااا …
وأنا بشكل شخصي حياتي لها أكثر من معنى ..
أحب آلمي وجنوني وطفولتي وخمسينيتي وتهوري وعفويتي..
معانٍ كثيرة أضعها على غلاف كتاب حياتي تهوٌن المشوار وتعينني على استكماله …
فلتفعل ذلك إن أردت ..