الحج مشروط في الشريعة الإسلامية بالاستطاعه رغم انه الركن الخامس من أركان الإسلام وهو الركن الوحيد الذي اشترط فيه الاستطاعة ..
و الاستطاعة هنا ليست مجرد استطاعة مادية فحسب بل هي استطاعة بدنية حيث القوة و القدرة على إكمال الرحلة و إتمام المناسك ،و استطاعة أخرى تتعلق بالأمن و السلامة للحجيج .
فليس هناك معنى الاستطاعة المادية وحدها دون أن يستطيع الحاج إتمام حجته و أداء مناسكها تامة كما شرعها الله سبحانه و تعالى ،
و بالطبع فلا استطاعة لذلك كله مالم يأمن الحاج على نفسه و صحته و حريته وماله و من يصحبه في رحلته .
و إن كنت أنا هنا أشعر تمامٱ بما يشعر به كل مسلم من شوق جارف لإتمام هذا الركن العظيم و أداء هذه الفريضة رغم مشقتها و عنائها ، و أتوق لهفة لأدائها ، و يذوب قلبي حبٱ فيها و شوقٱ إليها و إلى البقعة الطاهرة التي تقام عليها ، إلا أنني لا أستطيع أبدٱ أن أدعم أو أشجع أو أوافق مسلمٱ يجازف بنفسه و يخاطر بحياته في سبيل أدائها والله سبحانه وتعالى ينهانا أن نلقي بأنفسنا إلى التهلكة وعظم أمر الحفاظ على الروح البشرية .
أتفهم تمامٱ الدوافع التي دفعت بهذا الكم الهائل من المسلمين إلى اللجوء للحج غير الرسمي أو ما يسمى بغير النظامي ضاربين عرض الحائط بكل القوانين المنظمة لهذه الشعيرة العظيمة ، ولكن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ،
والحفاظ على روح الإنسان أمر ليس بهين في شريعتنا الغراء فلا معنى لتعريض روحك و روح الٱخرين للخطر في مساحة جغرافية محدودة و لها قدرة استيعابية معلومة مسبقٱ ، وبالتبعية فالقدرة الخدمية أيضٱ ذات طاقة محددة ولا يمكن الضغط عليها بالدفع بٱلاف البشر قصرٱ إليها دون سابق إعداد و تجهيز .
أتمنى أن نشهد العام القادم بإذن الله موسم حج بلا مفقودين ولا وفيات ولا حوادث مفجعه . وأن نحفظ للشعائر روحانيتها و نؤدي حقها و نحافظ على قدسية المكان و الزمان دون حتى جدال أو تراشق بالٱراء فليس الأمر محل جدل ولا يحتمل التعنت و المجازفة .