كل شىء كما هو والحياه تمضى كما كانت مع اختفاء اشخاص وقدوم اخرين .
يصحو من مخدعه يستقبل يومه الجديد بشكرا على نعمة الحياة ليوم اخر من ايام عمره التى دخلت عقدها الخامس ، خمسون عاما عاشهم ، عشرون منهم مع ابيه وامه اللذان لم ينجبا الا هو وماتا معا فى خلال ثلاثة ايام استبقهم ابيه بميتة مفاجئة رغم صغر سنه شخصت على انها سكتة قلبية لتلحقه امه بعدها بثلاثة ايام بنفس السكتة لتؤكد للعالم كله انهما روحان مرتبطان ببعضهما البعض..
كان بطل روايتنا فى العشرين من عمره عندما تركاه ابويه الى الدار الخالدة تاركين اياه وحيدا فى عالم شرس اراد ان يسرقه بمسميات مختلفة.اكمل دراسته الجامعية رغم حزنه على ابويه الذى اقتلعه من مباهج الحياة وجعله دوما حزينا وحيدا .
عمل كمدرسا للغة الانجليزية التى يعشقها وارثا حبها من ابويه غير المصريان ، اجادته للغة وجنسيته المشتركه اهلته للعمل فى المدارس الدولية ومعاهد تعليم اللغات العالمية،كان يتقاضى رواتب عالية ينفقها كلها على القطط والكلاب الضالة ، فى منطقة المعادى كان يعيش فى فيلا لابويه محاطة باشجار المانجو والبرتقال والبلح ..
فى هذه الحديقة كان يقضى جل وقته مسترجعا فى كل شبر فيها حياته مع ابويه ودلعه وفرحه وربما حزنه ، فى كل مكان ذكرى وفكره وحب وحنين وحنان ، وخاصة تلك التى عاشها مع امه التى كانت تحبه حبا فوق الوصف وكانت تتفنن فى اظهار هذا الحب والتعبير عنه ..
وكان ابيه دوما يلوم عليها هذا التدليل ويؤكد انه سيفسده .
لم يفسد ولم تستمر معه امه كما كان يتمنى ويريد وتركته ليتأكد انها لم تحبه كما احبت ابيه لانها لم تتحمل الحياة بدون ابيه بينما لم تفكر فيه هو ولم تقدر معاناته عندما تتركه وبانها لم تحبه لانها لو احبته مثلما احبت ابيه كانت تفضل البقاء معه حتى اخر لحظة فى عمره هو وليس فى عمرها هى ..
كان عندما يجلس فى الحديقة متخيلا اياها وهى تجلس ممسكة بالجريدة اليومية فى يدها وامامها فنجان القهوة السادة والسيجارة الاجنبية مشتعله تسحب منها نفسا تلو الاخر ، بهذه الجلسة اليومية يدور معها حديثين صباحى
ومسائى..
فى اولهما يحدثها عن يومه كيف سيبدأ ومشاكله كيف سيواجهها واعدائه ماذا اعد لهم حتى يتركوه فى حاله ، وحين عودته يقص عليها كل مارآه فى يومه الطويل الكئيب ، وفى يوم صارحها بأنه يحب زميلة له فى العمل ، وعندما لم يجدها ترد عليه وتقول رايها فى هذه الزميلة ايقن انها لاتراها مناسبة له فقرر ان يتركها حتى تأتى غيرها تراها امه مناسبة له .
فى هذا اليوم الذى صحا فيه بطل روايتنا مقبوضا متشاءما لايدرى السبب الا انه يشعر بأن شيئا سيئا سيحدث ، خرج من الفيلا حاملا معه كميات من طعام الكلاب والقطط اعتاد ان يوزعهم عليهم يوميا قبل توجهه الى عمله ..
ذهب الى مكان تجمع هذه الكائنات الوفية وكعادتهم التفوا حوله واطعمهم وطبطب عليهم مخلوقا مخلوقا والتفت مودعا ليجد عربة تابعة لجهة حكومية تطلق النيران على الكلاب وترمى بأكل مسمم على الارض للقطط لان المنطقة سيسكنها وزير ومعروف عنه بغضه للكلاب والقطط، صدمة بطل روايتنا بما رآه من قتل بدم بارد لمخلوقات بريئة رد عليه بقتل الوزير فى وضح النهار وهو يقول بصوت عالى كنت اشعر ان هذا اليوم سيء ..