قالت له لن تنسانى مهما حدث، واستهزأ بها ورد عليها بأنها سيمحيها من حياته وسينتزعها نزعا من قلبه واكثر من ذلك سيتزوج ويعيش الحياة بعيدا عنها تلك التى أحبها منذ عرف معنى الحب حينما كان تلميذا فى المدرسة الصناعية وكانت هى جارته الجميلة التى يتسابق كل شباب منطقة العجوزة القديمة على التقرب اليها .
كان يراقبها ويتابعها ويتبعها كظلها ويغار عليها من اى شىء وكل شىء ، حبه الاول الذى دعا الله الا يحرم منه وان يباركه ويجمعها به فى زواج يدوم دوام العمر. هناء كان اسمها ولها من اسمها نصيب فهى تنشر السعادة اينما وجدت وهو كان هانئا سعيدا بوجودها فى حياته ، فور انتهاءه من اتمام الثانوية الصناعية تقدم اليها وكان فى الثامنة عشر من عمره وهى فى الخامسة عشر ، جاء الى ابيها بمفرده طالبا منه الايزوجها لاى احد وينتظره حتى ينهى تجنيده ويعمل ، نظر له الاب نظرة غير مفسرة المعانى ولكنها كانت تحمل اتهامات بالجنون ، تدخلت الام لتنهى اشتباك لمحته فى نظرات الاب وقالت بسرعة غريبة ، ياسامى ياابنى انت غالى واهلك ناس كُمل واحنا مش هنلاقى احسن منك لبنتنا ، هى لسه صغيرة فى الاعدادية وهتكمل تعليمها وانت روح ياابنى كمل كل اللى ناقصك واديها موجودة لو حد جالها بعد متخلص تعليمها خير وبركه ولو انت جهزت وقدرت تفتح بيت فوق راسنا ياابنى.
وقبل ان يرد عليها ويطلب منها الا تبعدها عنه قام ابيها من جلسته ماددا يده اليه معلناعدم الرغبة فى استمرار هذا اللقاء وهذا الحوار .
بعد هذا اليوم تغيرت حياته بين تأنيب اهله على مافعله وبين تشديد اهلها على تحركاتها وخروجها ليحرم من رؤيتها ويجن جنونه ويستمر فى المه .
ويلجأ لكل الحيل والاساليب حتى ينجح فى لقاءها ويطلب منه ان تقسم الا تتركه وتنتظره ..وتفعل ماطلبه مع تأكيدها انها تحبه ولاتريد من الدنيا الا هو . تمر اربع سنوات ينهى فيها تجنيده ويجد وظيفة فى احد المصانع وتحين اللحظة المؤجلة ويطرق باب حبيبته ومعه اهله ويوافق ابيها ارضاء لابنته التى اكدت لابويها انها لن تتزوج الا هو رامية باعتراض اهلها على فارق التعليم عرض الحائط فهى فى اولى جامعة وهو تعليم متوسط .
سعادتهما كانت حديث المنطقة كلها وحبهما كان محط اعجاب الجميع وخاصة جيلهما الذى وضع معايير الحب من حكاية سامى وهناء .
خلال عامين من الخطبة كانت السعادة هى السمة والعلامة المميزة لهما وقبل ان تنهى هناء تعليمها الجامعى اشتعلت نيران المحبين واصبح الخصام هو اللغة المتعامل بها بينهما وصار الحزن رفيقهما وتحولت الحياة الى مأساة ومناحة فى اللقاء والخروجات ، قالت له لقد تعبت من الزعل والمشاكل التى لاادرى سببها هذا يحدث ونحن لانزال فى فترة الخطوبة فماذا سيحدث عندما نتزوج ؟ وقابلها بوابل من الهجوم والسخرية وهددها بالانفصال وخلع دبلتها وقذفها فى وجهها وتركها ومضى بعيدا عنها. مضى يوم وشعر انه اخطأ فى حقها وذهب الى بيتها وظن انها اخبرت اهلها بما فعله فجاء وهو مستعدا لعراك معهم ولكنه على العكس وجدهم مرحبين به وهى ايضا تبتسم فى وجهه وتجلس بجواره وتمسك بيده وتعيد الدبلة الى اصبعه .
هذا الموقف جعله يتمادى فى الاستهانة بها واذلالها حتى جاء يوم اشتبك فيه الاثنان اشتباكا داميا وهددها بالانفصال ظنا منه انها سترضخ وتعيده اليها آسفة متإسفة له ولكنها لم تفعل بل ردت عليه بانه لن ينساها وقابلها هو بانه سيمحيها من حياته وينزعها من قلبه وسيتزوج ويعيش بدونها افضل من عيشته معها، وقد كان وتزوج وابتعد عن الحى الذى عاش فيه ووهب حياته لاولاده وزوجته ولكن قلبه كان دوما لايزال يحتفظ بجزء منه لها وبحبها ، كانت لها صورة معه فأعاد رسمها بالفحم عند جرافيكى وخبأها بين اشياءه وصورها ووضعها على هاتفه وكلما اخذه الحنين اليها ينظر الى هذه الصورة التى جسمت ملامحها وثبتتها امامه .
فى يوم رن هاتفه فوجد رقمها الذى اهداه لها فى عيد ميلادها وطلب منها ان يكون لهما فقط ، احتضن الهاتف ورد عليه وقلبه يكاد يخرج من بين ضلوعه ونطق اسمها لترد عليه بصوت واهن غير الصوت الذى حفرت نبراته فى طيات عمره وسمعه ، اجابها على الفور وقال لها مالك ، فردت بموت ياسامى ، وعايزه اشوفك قبل مموت ، لم يصدق اذنيه لتستكمل انا عندى سرطان فى المرحلة الحزينة التى استعد فيها لتوديع الدنيا واريد ان اقابلك فهل تحقق لى امنيتى ؟
لم يرد فدموعه ابتلعت صوته واغلق الهاتف ، واختلى بنفسه وعلا صوت نحيبه ناسيا زوجته التى جاءت مسرعة تسأله عن السبب ليفيق مما هو فيه ويرد بكذب ان صديقه توفاه الله وتسأله من هذا الصديق فيرد بسرعة واحد من ايام المدرسة رفيق عمرى يعنى ، شعر انها لاتصدقه ولكنه كان فى هم اكبر وهو كيف سيرى حبيبته وهو يعلم انها متزوجه ولها ابنان ، اعياه التفكير وقتله الحزن عليها ولعن نصيبه الذى حرمه منها وعندما عادت اليه عادت لتودعه ، خرج من هذه الضوضاء العاطفية على بكاء زوجته وصراخها وهى ممسكة هاتفه بيد وبالاخرى صورة حبيبته وتسأله عنها وعن الشات القديم والحديث المحتفظ به ، اجابها بزهق كانت خطيبتى وانتى مراتى وام عيالى هى ماضى وانتى حاضر ومستقبل..
وضعت يدها على فمه وقالت له وهى تنتحب هى اللى فى قلبك منسيتهاش ولاحسيت بيا انا كنت زى ماانت قلت ام العيال انما هى قلبك اللى عمرك مدخلتنى فيه ، حاول ان يهدىء من روعها ويحتضنها ويضع نهاية لهذاالجدل القاسى على قلبه فهو حزين على مرض حبيبته واقتراب رحيلها وايضا هو مشغول بتدبير طريقة يلقاها بها .
انتهت هذه الليلة بان تركها ونام فى غرفة المكتب طالبا منها ان تهدأ وتبعد خطوات الشيطان عن حياتهما ، لم ينم الليل بسبب حزنه على حبيبة عمره واعياه التفكير والقلق والحزن ويجتمعوا عليه ويجبروه على النوم فى اولى ساعات الصباح ، يستيقظ عصرا ويبحث عن زوجته فلايجدها يسال ابناءه فيخبروه بأنها ابلغتهم بسفرها لزيارة امها فى بنى سويف وبانها اوصتهم به خيرا حتى تعود . يلتقط هاتفه ويكلم حبيبته ليراها فيرد عليه صوت رجل ينتحب فيعرف من نحيبه انها ماتت فيغلق هاتفه ويرسل رسالة لزوجته بأنها طالق ..