فى اشارة ميدان رمسيس العتيقة طال الانتظار وزاده مللا وقرفا وغيظا لسوء اختياره واصراره على العودة الى بلده الام مصر وترك بلد العلم والجمال فرنسا . جلس فى سيارته الفارهة التى تمثل جزء من وضعه الاجتماعى والمادى كما انها تشير الى كم التعب الذى عاناه من اجل ان يصبح صاحب ثروة ومال . فى بلاد الغربة عاش ربع قرن بالتمام والكمال كان ابنا وحيدا لاب مصرى وام مغربية كانت تعشق مصر وتحكى عنها اكثر ماتحكى عن بلدها ، ابيه كان رجلا طيبا يعمل طباخ فى احد المطاعم التى ورث مهنته من ابيه الذى هاحر منذ زمن واستقر به المقام والعيش فى بلاد النار والنور كما كان يسميها عميد الادب العربى الدكتور طه حسين رحمه الله. حياته كانت جميلة وسط أبوين محبين بعضهما البعض وان كانت تطفو بين الحين والاخر بعض المشاكل والخلافات بسبب غيرة امه الشديدة على ابيه وحرص ابيه على محاصرة امه فى كل مكان تذهب اليه وارغامها على البقاء فى المنزل بلا عمل ولايدرى لماذا كان ابيه يمعن فى استخدام هذا الاسلوب فى معاملة امه . تمضى الحياة ويفارقها ابيه ولم يعش معه لحظة تخرجه من كلية الطب كما كان يريده ويتمنى له . برغم فرحة امه بنجاحه وتخرجه الا ان حزنها على ابيه ابتلعها وغيب ملامح السعادة عن وجهها وحياتها . لمع نجمه فى سماء فرنسا واصبح له جمهوره وتلامذته وتزوج فرنسية الجنسية لبنانية المنشأ وانجب منها ولدين وفى لحظة ضاع عمره فى حادثة مريعة حصد فيها الموت امه وزوجته وولديه ، اعتصره الحزن وغيبه عن كل شىء حتى عمله ومشفاه لم يعد يذهب اليهما واعتزل الحياة وعاشر الوحدة لولا جده لابيه الذى لازمه وخفف عنه ويلات مصيبته واكد له ان الابتلاء يعنى حب الرحمن لك وذكره بلحظة وفاة ابنه وكيف انه تقبل قضاءالله فأرضاه الله بك انت فقد كنت لى ابنا وليس حفيد فقط.. مع الوقت اختزن حزنه وعاد للحياة ولكنه لم يعد قادرا على مواصلة العيش فى بلد كل مافيها يذكره بكل ماأخذ منه وعادت اليه كلمات امه وحنين ابيه وحكاياتهم عن مصر واهلها وطيبتهم وخفة دمهم وانصهارهم فى الفرح والطرح فقرر ان يعود الى مصر رغم ماقابله من معارضة من كل من يعرفوه ومن لايعرفوه فقد استنكروا عليه ان يعود من النقيض الى النقيض ولكنه اصر وحزم امتعته وعاد الى المحروسة ..وهاهو يعيش فى اشارة مرور واحدة ساعات كان من الممكن ان يعالج فيها عشرات لو ظل فى بلد النور والملائكة وان اختلفت صفة الملائكة حسبما وصفها من رآها ..
الوسومكريمة ابو العينين_اشارة مرور
شاهد أيضاً
هبة علي تكتب..الحب في بيت النبوة…
أحب كثيرآ مطالعة سيرة النبي عليه الصلاة و السلام و صحابته الكرام ، و أحب …