جمعت كل متعلقاتها وتركت بيت الزوجية وقررت اللاعودة .فى الصباح التالى لمغادرتها البيت بدا كل شىء عاديا فقد كان يعلم زوجها انها سترحل وربما دفعها دفعا لذلك حتى يعيش حياته ويسعد بالدنيا التى رسمها لنفسه بلا قيود ولا التزامات وارتباطات فرضها عليه اهله باصرارهم على ان يتزوج ويستقر ….
خمس سنوات عاشهم معها بذلت هى فيهن كل الجهد والحب من اجل الاستقرار الاسري وارتضت بمطالبه بعدم الانجاب حتى يدرس كل منهما الاخر ، وهى لاتدري انه لايريد الاستمرار والاستقرار والا يكون هناك اى شىء يجبره على الاستمرار زوجا وابا .
كان التجاهل هو طريقه واسلوبه فى التعامل معها اذا دخل البيت لايتحدث بل يظل راسما ابتسامة صفراء على وجهه تقتل كل محاولاتها للتقرب منه ، سألته كثيرا عن مشاعره تجاهها وكان يتهرب بكافة الطرق ، سألته ذات مرة هل يرتبط قلبه بأخرى وجاءت اجابته الفورية بالرفض وبأنه لم يحب ولن يحب لان الحب ضعف وسيطرة طرف على الاخر وهو يرفض ان يكون ضعيفا او ان تسيطر عليه من سيحبها ويرضخ لها …
عبثا حاولت ان تشرح له مفاهيم الحب والالفة والسكن ولكنه عازفا عن الاستماع او حتى ان يطلق لنفسه العنان فى ان تحب وتكون محبوبة .
بوفاة والديه اصبح حرا من الالتزام بما أملياه وأجبراه عليه من الزواج وأخوته كل فى شأن يغنيه ولذا فقد كثف من جهود التجاهل والاذلال والتعامل معها كأنها غير موجودة من الاساس ، قبل ان تحزم امتعتها وتقرر الرحيل قالت له وهى تبكى : انا مش مسمحاك ع اللى عملته فيا ومعايا وهدعي ربنا ليل ونهار انه ينتقم منك ويسرق عمرك وسعادتك زى ماانت عملت معايا …
استقبل كلامها بمنتهى اللامبالاة وتركها ومضى الى حيث يشعر بالسعادة حياة الصخب والمجون واللذات .
عشرون عاما مضت على رحيلها وهو الان يبحث عنها فى كل مكان راجيا منها ان تسامحه وتدعو له لا عليه ولكنه لايجدها ومع ذلك يبحث ويتمنى الا يموت حتى يلقاها وتسامحه وربما يريد ايضا ان يعوضها عما فعله معها .