اعترف ان مفهومى عن الوطنية يختلف كلية عن مفهوم زميل الدراسة الذى اصبح الان نار على علم وصار نجما من نجوم الميديا ومقرب من اصحاب اتخاذ القرار .
اذكر ونحن فى كليتنا منذ اكثر من ربع قرن عرفته مع اختلاف تخصصاتنا ولكنه كان ينتهج نهجا خاصا به وهو خالف تعرف ، فى واحدة من محاضراتنا قام وصال وجال وتفذلك وسأل محاضرنا سؤال لااجابة له من وجهة نظرى انا الطالبة التى تراقب وتكتب وتفند وترسم لكل شخص صورة مستقبلية من خلال افعاله وطريقته فى التعامل مع زملاءه ومع المحاضرين.
بعد انتهاء سؤاله وجلوسه بجوارى وتركه الاستاذ المحاضر فى حيرة ان لم تكن ربكة لكونه لايعرف كيف يرد على التلميذ المذاكر العالم الباحث ، سألته وانا اهمس : بذمتك انت عارف الاجابة ؟
ولا ده اصلا سؤال فى الاساس ؟
تبسم ابتسامته التى اعرفها جيدا فهى تعنى انه قد ضحك علينا جميعا ، استكمل الابتسامة بقوله : صديقتى العزيزة الطيبة الساذجة غير المقربة منى واراكى نموذج من العالم الملائكى فسأقول لكى اننى مغاور مغاير مختلف ابغى ان يظل اسمى محفورا معروفا مهما كانت الوسائل .
صمت وتركنى فى حيرتى مثلما ترك الاستاذ المحاضر يجول ويصول باحثا عن خيط نجاة يبيض من خلاله وجهه امام تلميذه ، وفى اخر المحاضرة نادى عليه باسمه ويلتفت اليه كل من فى المحاضرة ويحفر اسمه فى ذاكرتهم وواقعهم ليرد عليهم صديقى بنظرة ثقة لى قائلا : عرفتى الهدف والطريقة جابت نتيجة ازاى .
. بعد المحاضرة طلب منى زميلى ان يعزمنى فى كافيتريا الجامعة على كوب شاى وبما اننى كنت دوما اذهب لاحتساء القهوة واحيانا اتناول الغداء اذا ماطالت مواعيد المحاضرات فلم ارفض دعوته وهناك عرفت من هو وكيف يفكر وبماذا يطمح بقدر دهشتى كان اعجابى الذى ظل من المستحيل ان اكون مثله او حتى اسعى لان اصبح كما يخطط هو فهو قد اوضح لى انه بطريقته هذه سيصبح شهيرا مشهورا وبأنه فى سنوات قليلة سينفض عنه الفقر ويبتعد عن كل من يعيده الى المربع صفر وان القادم ملكه هو سيشكله كيفما شاء لانه قد رسخ فى الجامعة بصفة عامة وبكليتنا بصفة خاصة لاصول مستقبله وحفر اسمه واصبح مميزا وسط المئات من الطلاب
.مضت سنوات وتحقق ماتمناه صديقى واكثر واصبح كما اراد ويزيد ، اعتلى التريند بأراءه المغايرة وصعد سلم النجاح الاعلامى والشهرة لاخر درجاته واصبح يطنطن فى كل المواطن والمواقف .
كلماته تملأ العالم الافتراضى وتحتل قمة المواقع الاخبارية ، يلاحقه الكل ليحصل منه على تصريح او مجرد صورة تتصدر غلاف الجرائد والمجلات ..
طنطن اكثر ودخل عالم الجن وألف فيه وشرح مخابئه وخلفياته وصوره ، لم يكتف بذلك بل اخترق عالم التأليف واصبح مميزا فيه يشار اليه بالبنان ، اصبح صديقى مطنطنا كبيرا وثريا فخيما ووحدي انا اعرف ان وطنيته مجرد طنطنه..