لم يكن حبيبى يعرف ماأخفيته عنه سنينا طويلة ؛ فهو عندما صارحني بحبه وبأنه يرغب فى استكمال ماتبقى من عمره معى لم تكن لدى الشجاعة لأخبره بأشياء ان عرفها فقد كان من المؤكد انه لن يمضى قدما فى استكمال وتنفيذ ماعقد عليه العزم .
كان اعترافه بحبه بمثابة طوق النجاة التى تمسكت بها لأخرج من مأزق وضعتنى فيه ظروفا قاسية أرغمتنى على ان أقع فى حب جار لى صور لى الدنيا وردية وان الحياة معه هى الأفضل والأجمل ؛ لم اكن ناضجة كفاية لأعلم ماتخفيه لى الدنيا من مصائب وازمات ؛ وكانت أولى هذه الخبطات تخلى حبيبى عنى لرفض أسرته زواجه من أخرى وإصرارهم على عقد قرانه على ابنة عمه حتى يضمنوا ان تظل الاراضى والبيوت فى عصمتهم وليس فى ايادى الغرباء .
شهور مضت عصيبة أليمة ذقت فيها طعم الحزن ومرارة الفقد ووجع القلب ؛ ومع ان الحبيب حاول اكثر من مرة ان يعيد حبل الوصال معى ومحاولة إقناعى بالزواج فى السر وتعهده لى بأننى سأظل دوما حبه الأول والأخير رغم كل هذا الا أننى واصلت الحياة بصعوبة وخوف وقلق من الوقوع فى الحب مرة أخرى بل ومن الخوف المطلق لصنف الرجال عموما ..
. عام مضى والتقيت به رجل من زمن اخر زمن تستطيع ان تتأكد فيه من ان كافة القيم والأخلاق الجميلة لاتزال على حالها وان الدنيا لازالت بخير وستظل .
فى اقل من ثلاثة اشهر تم زفافى اليه وعشت معه اجمل وأحلى الأيام والسنين ولم يكد ينقضى عاما لزواجنا انجبت خلاله فلذة كبدى يوسف ؛ وإذا بالدنيا ينقلب حالها رأسا على عقب ويطرق بابى فى ساعة الفجر غرباء يصطحبون زوجى الى جهة غير معلومة وسط حسرتي وصراخى وبكاء وليدى .
بعد تلك الحادثة يتم اخبارى من مصادر عليا بأن زوجى كان جاسوسا وأنه قد رفض الامتثال لاوامر القبض عليه وحاول الهروب فتم توجيه رصاصة اليه لايقافه عن الهروب الا ان الرصاصة اخطأت هدفها واستقرت فى معدته فمات على الفور ، وعندما حاولت ان تقول لهم ان القبض عليه جاء أمامها وأنه لم يقاوم وكان مستسلما لهم وتم اصطحابه أمامها وهو صامتا مستكينا ؛ عندما حاولت ان تتحدث بذلك أمامهم وجدت نظرتهم الى ابنها وكأنهم يقولون لها خافى على ابنك ؛ فامتثلت لهم ووضعت يدها على قلبها وهى صامتة خائفة .
لم يسمحوا لها برؤية جثمانه فقط سمحوا لها ولأهله بمراسم دفنه وتشييعه الى مثواه الأخير .
سنوات حزينة ابتلعتها وهى تعيش مع ابنها متذكرة فى كل لحظة صوته وكلماته ؛ رافضة اتهامه بالجاسوسية وعلى يقين بأنه برىء براءة الذئب من دم ابن يعقوب .
فى قمة أحزانها وآلامها التقت بشخص اخر استطاعت ان تنسى معه آلامها ولكنها لم تتزوجه فقد كانت خائفة من مصير حزين كسابق المصير ، ظلت على هذه الحال سنينا كثيرة الى ان جاءت سنة اللقاء الحقيقية وفيها عرفت طعم الحب وذاقت طعم الاستقرار النفسى والرغبة الجامحة فى ان تكون زوجة وهاهو يعرض عليها ما انتظرته عمرا ولكنها قررت الا تكاشفه بكل مراحل عمرها واكتفت بمرحلة الأرملة والأم لابن وحيد …