فى قرية من قرى بلادنا الفقيرة كانت تعيش أسرة بطلة قصتنا هذه آب مهاجر لايعرف أصله ولافصله جاءت به اقداره إلى هذه القرية الطيبة فاحتضنه أهلها وانعموا عليه مما أنعم الله عليهم واسكنوه دارا واختصه أحدهم بأن يعمل فى حقله صابرا عليه جهله طامعا فى تعلمه أبجديات الفلاحة كى يستكمل معه مشوار المساندة والدعم …
أعوام مضت وكبر الرجل فى السن ولم يتكلم مع أحد من أهل القرية فى مسألة زواجه ولأنهم كانوا على يقين بعدم مقدرته المادية على طرق اى باب من أبواب قريتهم ليتزوج من إحدى بناتهم فقد غضوا ابصارهم عن مفاتحته فى هذا الأمر وخاصة انه غريب لايعرف له أهل ولايعلموا من أين ساقته الأقدار؟؟؟
فى يوم من الأيام استيقظت القرية على ضحك وسعادة وصوت يأتي من بيت الغريب واناس كثيرين فى البيت ليطلعهم الغريب على القادمين بأنهم عمه وأسرته التى جاءت لتقيم فى القرية لانتقال عمه من وظيفته فى الوحدة المحلية من بلدته التابعة لمحافظة الدقهلية إلى هنا محافظة الشرقية….
.ويضحك عمه وهو يقول انه جاء حزينا واثقا أن هذا النقل عقاب وغضب وهو لايدرى انه رضا من الله وجمع للشمل الذى تمزق منذ أن رحل ابن أخيه عن قريتهم بعد وفاة والديه وكونه وحيدا بلا أخوة…
منذ ذلك اليوم وتغيرت حياة الغريب وأصبح سعيدا ممتنا الأقدار التى جعلت له سندا وقوة….
بلغ الغريب من العمر مايقرب من خمسة عقود وأشار عليه الكل بالزواج واختاروا له سيدة طيبة تزوجت وطلقت لعدم الإنجاب فوافق لأنه أدرك عدم مقدرته على رعاية اطفال وأيضا تخوفه من تركهم ايتاما لكبر سنه….
تزوج الغريب ولم تمضى سنة إلا وحملت زوجته وأنجبت فتاة بالغة الجمال؛ فرح بها والداها أيما فرحة ولكن هذه الفرحة لم تكتمل فقد لاحظوا مع اكتمالها عامها الأول أنها ليست ككل البنات فقد أكد لهم طبيب الوحدة الصحية في بلدتهم أنها مختلة عقليا أو بلغة عصرنا الحالى من أصحاب الهمم….
صدمتهم بهذا الخبر لم يحتملها الغريب وأصيب بجلطة فى المخ ألزمته الفراش واودت به بعد أشهر قليلة إلى الموت ليترك هذه المعاقة وأمها بين ايادى الرحمن….
بعد سنوات تعد على أصابع اليد الواحدة ماتت الأم حزنا وقلقا لتصبح غادة بطلة قصتنا فى رعاية جدتها وعم أبيها وأسرته….
كبرت غادة وأصبح الكل ينبهر بجمالها ويتحسرون على هذا الجمال المنقوص….
كان ابن عمها دائم التردد عليها والكل يشيد به ورعايته لابنة عمه وحرصه على تلبية مطالبها….
وكانوا يلاحظون انه يأتى باصحابه معه عند زيارته لبيت عمه وكان يبرر ذلك باضفاء البهجة على بيت عمه واسعاد غادة لأنهم يغنون لها ويقلدون الممثلين فيجعلوها تضحك من قلبها….
وكانت جدةغادة سعيدة بسعادة حفيدتها وآمنة مطمئنة لوجود هذا الإنسان الشهم كما كانت تصفه وكانت من ثقتها فيه واعتباره أخا لغادة تتركه وتنام مليء عينيها….
لاحظت الجدة أن غادة فى أعياء تام فتفقدتها فرأت ملابسها الداخلية مليئة بالدماء فقالت أن سبب اعياءها الدورة الشهرية وكعادتها معها كل شهر فعلت معها ماتفعله فى هذه الحالة…..
شهر يمضى وآخر يجىء وينقطع معهم مجيء ابن عمها إليهم وتنتفخ بطن غادة معلنة حملها ؛ وتنهار جدتها وتسألها عمن فعل بها هذا وتطلب منها أن تخبرها فتتلعثم غادة ولاتقول إلا أن ابن عمها وأصحابه كانوا يجردونها من ثيابها ويفعلون بها مالا تعرف سببه وكانوا يعطوها الحلوى والبسكوت فتفرح وابن عمها يتقاضى منهم مبالغ كثيرة وهم يتصرفون…..
صرخت الجدة وجاء الناس على صوت صراخها ولما علموا بما تقوله الجدة توجهوا إلى ابن عمها الذى نفى كل هذا الكلام ووصفه بالإفتراء وان الجدة مسؤلة عما حدث لابنة عمه وبأنه لن يتركها تهرب من ايدى العدالة اذا مااتهمته بطلانا وزورا…..
جاءت غادة بطفل جميل معافى البدن والعقل يشبه ابن العم المغتصب كلية وذهبت إليه الجدة كى ينسبه إليه وذهب معها الجيران والأصدقاء ولكنه رفض وأصر على موقفه….
اسموه صابر وكان طفلا محبوبا من كل من تقع عليه عينه ؛ محبا لأمه حبا مبالغا فيه كما كانوا يقولون عنه ؛ وكان دوما يقول لها سكر وأصبح طبيبا واعالجك ياامى، كانت تضحك وتحضنه وتربت على رأسه وعينها كلها سعادة وحب…..
عندما جاء سن التحاقه بالدراسة وافق ناظر المدرسة أن ينضم إلى التلاميذ ليتحصل على دروسه وأصبح فى الصف الخامس بلا هوية مثبتة وكل مايتم مجرد تحايل على القانون كى يواصل تحصيله الذى يُبلى فيه بلاءاً حسنا ويتفوق تفوقا مبهرا إلا أن ناظر المدرسة أخبرهم باستحالة استمرار الوضع لخطورته وخاصة انه مقبل على شهادة ولابد أن تذهب أوراقه إلى الوزارة لاعتمادها…؟.
القضايا التى رفعتها الجدة على ابن العم المغتصب لإثبات ابويته للابن لم تحقق ماتصبوا إليه الأسرة ولم تنجح فى الحصول على حكم محكمة ينصف هذه المسكينة وابنها …..
أشار عليهم البعض بالتوجه إلى مركز حماية الطفل وعرض المشكلة طمعا فى حل….!!!
وبالفعل وبمصاحبة الدال على الخير صاحب المنصب والعلاقات الممتدة استطاعت هذه الآسرة أن تتوصل إلى حل مع المسؤل من مكتب حماية الطفل على استخراج شهادة ميلاد يثبت فيها اسم الأم أما الأب فيكتب اسم اعتبارى أو مجرد اسم غير موجود يستطيع من خلاله صابر أن يستكمل تعليمه وحياته كلها وبالطبع لم يكن أمامهم اى بديل وفرحوا كلهم إلا الابن الذى اختزن بداخله حزنا وبغضا لإنسان استحل الحرام وانتهك حرمة أمه مع أنها بنت عمه ولها عليه حقوقا نسيها ونسى معها عجزها وقلة حيلتها وهوانها عليه وعلى من كانوا يأتون معه باحثين عن المتعة يصحبهم الشيطان الذى أعمى قلوبهم قبل أعينهم….
وينظر صابر إلى السماء ويناجي ربه ويقول حسبى الله ونعم الوكيل وافوض امرى إلى الله…