تذكر عندما ماتت أمها وكانت فى السابعة من عمرها احتضنتها أختها الكبرى وقالت لها ماما هترجع تانى لما نكبر. ..
وبالفعل مسحت دموعها وانتظرت أن تكبر كى تعود أمها والغريب أنها انتظرت أن تكبر هى ولم تلاحظ أن أختها كبرت قبلها بسنوات …
فى يوم فرح أختها بكى أبوها بشدة وقال كان نفسى تكون ماما موجودة تفرح بيكى. ..
وسط الدموع قالت هى لابيها ماماهترجع لما أكبر ونظرت لاختها وقالت لها مش كده برده…!!
عام يلتهم آخر وهى رافضة فكرة عدم عودة أمها إلى الحياة حتى مع نضجها وإدراكها خطأ ماذكرته أختها إلا أنها تعيش منتظرة عودة أمها إلى الحياة . ..
لم تمنحها الحياة التمتع بوجود أبيها معها فقد مات هو الآخر وصارت وحيدة تقنع نفسها بأن أباها ذهب ليأتي بأمها وخاصة أن أمها كانت لاتعرف الشارع ولا العودة بمفردها لذا فقد ذهب أبوها من أجل أن يصطحبها إلى البيت وتعود حياتهم كما كانت مليئة بالحياة بكل معانيها الجميلة….
مضت شهور ولم يعد أبوها ومعه أمها وأكتملت الشهور بعام واثنين وهى مازالت مستمرة فى انتظارها عودتهما…
خافت عليها أختها من عزلتها فشرعت بالبحث عن عريس لها ولكنها لم توفق فى بحثها لأن أختها فى معزل تام عن استيعاب مجرد فكرة أن تكون زوجة وأم فهى فى مرحلة الانتظار لعودة أبيها وأمها. …
فشل أختها فى تزوجيها حملها ذنب تبعات ماقالته لها فى صغرها عن عودة الأم حينما نكبر …
حاولت أن تأخذها معها للإقامة وسط عائلتها ولكنها رفضت وتمسكت بالبقاء فى البيت خوفا من أن تعود أمها ومعها أبيها ولاتجدها فى انتظارها….
عادت بيتها حزينة وقصت على زوجها سبب حزنها وقلقها فنصحها بأحد الحلين أما أن يذهبوا جميعا لأداء العمرة أو استشارة طبيب نفسى….
ولكن للأسف لم تستطع إقناع أختها بأى من الحلين …
أوقات كثيرة يسمع الجيران صوتها وهى تتحدث مع أمها وابيها وأوقات أخرى يقسم الجيران أنهم يسمعون أصوات الأم والأب يتبادلون الحديث والضحك معها إلى أن جاء يوم صمت فيه الكل ولم يعد أحد يسمع صوتا فقط يرونها صامتة ناظرة إلى السماء وكأنها تنتظر شيئا يرسله لها الله أو يأمر بارساله إلى البرزخ للأبد ..