منذ صغرها وهى تسمع همهمات وكلمات ذات معنى عن امها وعن مشيها البطال ، وكانت تستقبل هذه الافعال بالبكاء كثيرا ولكن عندما تكون لوحدها ولايشعر بها احد ..
كل خروجة لها من المنزل الى مدرستها وعندما كبرت الى كليتها وهى تستقبل هذه الكلمات وتلك الايحاءات والغريب انها لم تواجه امها مرة واحدة كما لم تسمع وتستمع لاخواتها الاربعة وتسألهم هل يسمعون مثلما تسمع ويتألمون كما تتألم ، كان بداخلها رفض غريب ان تخوض فى هذا الحوار وان تجعله يسيطر على مجريات حياة اسرتها التى كانت تراها مثالية..
فالاب وان كان عامل بسيط الا انه مثال للمحبة والحنية المفرطة والام كانت سيدة مثالية وكان جمالها الآخاذ سببا للغيرة والحقد من كل سيدات وبنات منطقتهم الشعبية القابعة فى امبابة .
اخواها الولدان كانا تقيين الى ابعد الحدود احدهما انهى تعليمه الازهرى والتحق بالعمل فى وزارة الاوقاف والاخر كان يحب التجارة ولم يتوظف بشهادته الجامعية بل آثر ان ينضم لاخواله فى تجارتهم فى سوق العبور ..
البنتان ورثتا جمال امهما فتهافت عليهما الخطاب ولكن الام اصرت ان يستكملا تعليمهما العالى وزوجتهما الى ابنى اخيها ولم يتبق فى هذا البيت الذى يلقيه جيرانه بالفاظ جارحة لم يبق سوى الابوين ودينا بطلتنا التى كانت دوما تتساءل كيف يرمون امها بهذه الصفات البذيئة ويتهافتون على ابواب بيتهم يتمنون الزواج من البنات ويرحبن بزواج الولدين من ابناءهم ، كانت فى حيرة من امرها فعلى مدى عمرها لم تعرف حقيقة مايقولون كما لم تر ابدا من امها مايؤكد قولهم بل بالعكس كانت امها صارمة شديدة فى كل حواراتها لاتترك مجال للشك فى اى غرض منها لمن تتحدث معهم واليهم ..
فى يوم من ايام عمرها الممزوج بالقلق واليقين التقت به احد جيرانها وكان عائدا من سفره من الخارج بعد سنوات اغتراب استطاع خلالهم ان يغير مسيرة حياة عائلته ونقلهم من منطقتهم الشعبية الى كومباوند فاخر كما حكت لهم امه عندما كانت تجمع اشياءها من المنزل القديم وتنتقل للحياة الجديدة.
لم تتعرف عليه بسهولة لتغير ملامحه وظهور علامات الثراء على ملابسه ورونقه .
توالت لقاءاتها به وشعرت انها تحبه وانتظرت ان يبادلها الشعور وطال الانتظار وطال معه قلقها ولاحظت امها ذلك فاستدرجتها فى الحديث حتى عرفت منها كافة التفاصيل وحينها انتهزت ابنتها فرصة التقارب وافشاء الاسرار وطلبت منها ان تضع حدا لما تحمله بداخلها منذ نعومة اظافرها عما يقولونه عنها من كونها زانية ، استقبلت امها ماقالته بنظرة حزن وبامتعاض شديدين وقالت لها الزناة لايتطهرون يابنيتى وانا اشرف من الشرف نفسه وكل من قال ذلك عنى اما حاول معى فنهرته واما زوجته غارت منى فأرادت ان تسىء لى وانا فوضت امرى لله ولم اهتم بكلامهم وكنت ابكى فى حضن ابيكى واشكو له وكان دوما يقول لى (لينا رب يرد غيبتنا لو تحبى نعزل بس لو عزلنا هنثبت كلامهم ، وبعدين انا عارف انك مريم الطاهرة مالك ومالهم خليهم يخدوا ذنوب وطهارتهم من جماعهم تبأه زى طهارة الزناه )..
بعد هذا الحوار اصبحت الابنة تعيش حالة جديدة من الرضا والحب النفسى الا ان جاء اليوم الذى طلب منها حبيبها اللقاء كى يتفقا على كل التفاصيل قبل ان يلتقى بوالديها للزواج بها ، قالت لامها ان ذاهبة للقاءه ورغم اظهار الام لشىء من عدم الارتياح الا انها لم ترفض ذهاب ابنتها فقط طلبت منها رقم هاتفه ومكان اللقاء .
جاء اليها فى اليوم المتفق عليه بعد ان انهت عملها وسعادتها لاتوصف اصطحبها فى سيارته الى مكان غير معلوم وعندما سألت قال انه سيعرفها بأهله فرفضت وطلبت منه ان تنزل من السيارة وبأن هذا الاسلوب مرفوض فاهله يتعرفون عليها فى بيت ابيها حينما يأتوا لطلب يدها ، وحينها وجدت شخص اخر يوقف سيارته ويعلو صوته ويسب امها ويصفها بالعاهرة وبانها افسدت حياة اسرته وجعلت ابيه يطلق امه ويهيم بامها حبا ، وتزداد هى صدمة ويزداد هو فجورا ويصارحها بأنه يخطط لهذه اللحظة من زمن وبأنه سينتقم لامه فيها ويهجم عليها ممزقا ثيابها عازما اغتصابها فيرن هاتفه فيرد فتأتى مكالمة من امها تؤكد له انها ابلغت البوليس وهم يتعقبونه وان ابنتها اذا مسها بسوء فالمقابل لن تتخيله وتتوقعه ، وقالت له وهى تبكى امك ظلمتنى وابوك طلقها لما افترت عليا ..
فى هذه اللحظة تدير الابنة السيارة وتتصارع معه الى ان تتمكن من رميه خارج السيارة وتعود بها الى بيتها وترتمى فى حضن امها ويبكيان معا…