عندما كان عنده عشر سنوات ايقظته امه تبلغه بوفاة ابيه ، ومنذ هذا اليوم ولم يذق طعم الراحة فقد حمل على عاتقه مسؤلية اسرة كلها اناث وهو الرجل الوحيد ثلاث بنات اثنان اكبر منه واخرى تصغره وهو الوحيد فيهم الذى لابد ان يتحمل مسؤلية هذا البيت الذى كان عائله رجلا فقيرا او كما يقولون أرزقى يعيش اليوم بيومه .
عمل فى كل الاعمال الحرفية كى يوفر لإخواته البنات مصاريف الدراسة والمأكل والملبس ويضع على قلبه حجرا كى لايشعر بالجوع ولا بأية مشاعر سوى تلبية مطالب اخوته البنتان انهتا الدبلوم وهو يذاكر ليلا ويعمل صباحا وينجح رغم كل الصعوبات ويتحقق حلمه فى الالتحاق بكلية الحقوق التى تمناها منذ صغره …
نجح فى اول عام بتفوق وفى العام الثانى تقدم لإخته عريسا وكان عليه ان يعمل اكثر كى يجهز اخته واهمل كليته من اجل تجهيز هذه الاخت وارضاء الام التى عمت عينيها عن متاعبه واصبحت لاتعرف سوى هات فلوس لجهاز اختك …
بعد عام بالتمام وعمل ليل نهار استطاع ان يجهز اخته ويزفها الى عريسها الذي عرف معنى الجشع عندما راى الجهاز الفخم مع ان الاسرة متواضعة ولكن الام ابت ان ينال ابنها قسطا من الراحة واصرت ان يكون جهاز ابنتها أبهة كما قالت وارادت وهو نفذ ارادتها بالتمام والكمال ، قبل ان يلتقط انفاسه ويلملم اوراق حياته ويقدم اعتذار للكلية حتى يستطيع ان يكمل دراسته جاء عريس لاخته الثانية وطلب من امه ان ترفض او حتى تؤجل ولكنها رفضت وصرخت وبكت واتهمته بانه لايريد ستر اخوته وانه لايفكر الا فى نفسه ومصلحته وان التعليم ليس المهم الان المهم زواج اخته رضخ لامه واستكمل مسيرة التعب والشقاء ووصل الليل بالنهار وجهز الاخرى وزوجها وشاءت الاقدار مكافىته بسفرية الى دولة الكويت واستطاع ان يحسن من وضعه المالى وارسل لامه مبلغا كبيرا تشترى به شقة ليتزوج فيها عندما يعد من غربته الاختيارية ، وارسل لامه مبلغا اخر كى تشترى الشقة التى يعيشون فيها وتصبح تمليكا لهم ، اتمت اخته الصغيرة تعليمها المتوسط كاختيها وتقدم لها شابا ولانها اخر العنقود فقد جهزتها امها جهازا تخطى الربع مليون وكل هذا من دم الاخ المغترب الذى لايقدر ان يعارض امه فى اى شىء ويحرص كل الحرص على استكمال مسيرته كاب لهن بعد وفاة ابيه…
بين يوم وليلة وجد انه تجاوز الثلاثين ولم يتزوج وكل اصحابه معهم اطفال فى المدارس ، صارح امه برغبته فى الزواج وفوجىء بها تستقبل حديثه بلامبالاة وعندما طلب منها تجهيز الشقة التى ارسل اليها اموالا لشراءها قالت انها لم تشتر شيئا، لان البنات كن فى زنقة مالية وازواجهن كن معرضون للسجن فاعطتهن الفلوس كى يخرجن من مازقهن …
جن جنونه ولما هدأ طلب منها تجهيز الشقة التى تعيش فيها ويتزوج فيها معها لحين شراء شقة اخرى تنتقل فيها زوجته حتى يرسل لها للاقامة معه ، وطلب من امه الذهاب لجارتهم التى يربطه بها علاقة حب وانتظرت هذه السنين الطويلة .
رحبت الام حينها وبعد يومين ارسلت له ان اخوته البنات يردن حقهن فى الشقة فالميراث لابد من توزيعه عليهم كلهن ، شاط الابن وجن جنونه وسأل امه عن رايها فى كلام البنات فسكتت وقالت عندهم حق…
ومنذ ذلك اليوم ولم تسمع الام صوت ابنها ولاتعرف عنه شيئا، البعض يقول انه مات كمدا وحزنا واخرون يقولون انه تزوج وانجب وقطع صلته بعائلته الجاحدة ، وهناك من يؤكدون ان عقله ذهب وصار درويشا ……..