اكثر من ثلاثين عاما وهو يعمل ليل نهار ليجعل اسمه عاليا بين مصاف المحامين المشهورين ، وهاهو حقق مايطمح اليه ان لم لم يكن اكثر ؛ فقد اصبح رمزا من رموز القضاء فى مصر ؛ والكل يشير اليه ، ويشيد بعبقريته وذكاءه وبراعته فى كسب القضايا المستحيلة مثل قضايا الأحكام بالإعدام والمخدرات. ..
لم يدخر وسعا فى ان يفرض نفسه فرضا على هذا الصعيد منذ ان وطئت أقدامه تراب المحروسة قادما من صعيد مصر حاملا معه أحلام وامانى شاب فتى ضاقت عليه ارضه وتركها باحثا عن الرحب والسعة . .
أنهى دراسته الجامعية حاصلا على ليسانس الحقوق بتقدير جيد جدا ولم يحزن لعدم ضمه الى كتيبة المعيدين لانه ليس من المقربين ولا الأقرباء للسادة الأفاضل مالكى الأمر والنهى فى التعيين ، بل بالعكس تقدم بأوراقه للدراسات العليا وتدرب فى مكتب والد احد أصدقاءه الأثرياء وعمل فيه بعد ذلك اكراما لصاحبه ولتميزه وجديته ، احلامه كانت ان يكون له مكتبا جديدا جميلا فى مكان راقى ، ومن اجل هذا الحلم قسى على نفسه وارهقها وحملها اكثر مما تحتمل من كتابة مذكرات لزملاء ينسبونها لنفسهم مقابل عائد مادى يجمعه هو فوق بعضه البعض ، يرسل منه جزءا الى والديه وإخوته الثمانية فى الصعيد الجوانى كما يسمى ويطلق عليه ، سنوات عصر فيها نفسه عصرا وحلمه لايفارقه ابدا ويتنقل معه من مكتب الى اخر ومن منطقة الى أخرى ….
الحلم اصبح حقيقة وصار لديه مكتب خاص به جميل انيق فى حى العجوزة الذى عشقه منذ ان جاء قاهرة المعز …
حلمه كان ينقصه الشهرة وان يصبح من اعلام المحامين ولكن كيف يقفز الى هذا العالم الذى يحتكره عددا من الإشاري المسيطرين على قطاع المحاماة والقضاء ، بعد تفكير طويل تأكد ان هذا الحلم يحققه قضية مستحيل فيها خروج الجانى ليأتي هو ويقول كلمته ويلقى مرافعته ويخرج الجانى ويجعله بريئا …
كان مدير مكتبه يشعر بقلقه ويتمنى ان يقدم له اى شىء يسعده لانه صاحب فضل عليه وانتشله من عثرات عديدة….
وفى يوم السعد كما كانت تقول أمه عندما تراه قادما اليها من القاهرة محملا بكل مالذ وطاب واضعه تحت قدميها فكانت تضحك فى وجهه وتقول له: يوم السعد ياحبيبى يوم مشوفك ، وجودك لوحده ياابنى بيفرح قلبى ، تعالى بس انت ومتجيبش حاجه ، انت ياابنى مش مخلينا عاوزين حاجة ، أخواتك جوزتهم كلهم ، ابوك وحججته، وأنا متكفل بعلاجى وكل اوان حج تتحايل عليا اروح وأنا برفض عشان مرضى وكمان كفاية عليك كده احنا تعبناك اوى ياابنى . وهاهو يوم سعد اخر يأتي ولكنه ليس بلقاء أمه رحمها الله هى وأبيه ، يوم سعده جاء بمدير مكتبه وهو يبشره بأنه وجد له ضالته من سيجعل اسمه عاليا ويدخله عالم النجومية والشهرة ؛ قاتل معترفا بجريمته هاربا ، يلتقى به المحامى الحالم بالشهرة ويتفق معه على كافة الإجابات ويبنى دفاعه على التشكيك فى أقوال الشاهدة الوحيدة طفلة صغيرة ابنة القتيل .
ويحصل على براءة القاتل ويدخل على اثرها عالم الشهرة من اوسع ابوابه ويصبح من اشاوس المحاماة . ويزيد ثراءه ويعلو نجمه ويتزوج ولاينجب ، ويرضى بقضاء الله ، وتأخذه الدنيا وينسى سبب نجاحه الى ان يقرأ فى الجرائد عن انتحار مسن بسبب احساسه الدائم بالذنب لانه قتل رفيق عمره واتفق مع محامى مشهور الان على ان يحصل له على البراءة ….