الكل كان يدعو له بالخروج من أزمته العاطفية التى جعلته يفضل العزلة والانزواء ، الا هو كان على ثقة بأن ماأصبح عليه جزاء له على مافعله مع حبيبته أمل التى استحل كل مافيها وتركها بلا حول ولا قوة …..
مراد كان شابا يملك كل معطيات الحياة فهو ذو مركز ، وسليل أسرة عريقة ، وجميل الطلة وناجح فى عمله ومحبوب من كل من يتعامل معه أو يسمع عنه ….
عاش كما يعيش اخوته فى هدوء عائلى ، وتزوج مثلهم من فتاة تربطهم بأهلها صلة قرابة بعيدة النسب …
عاش معها عامين كزوج مصرى يفضل الاستقرار والهدوء ، وفى يوم من الأيام إلتقى بفتاة مارقة كما سماها أخوه الأكبر عندما رآها معه وحذره من الاقتراب منها ولكن هيهات فقد سبق السيف العزل وحامت حوله ووضعت سهامها فى كل اجزاء جسده وحياته وأصبح لايطيق الابتعاد عنها ويكره العودة الى بيته ويبذل كل الجهود للابتعاد عن زوجته والاقتراب منها متذرعا بكل الحجج وحتى افتعال المرض .
تسممت حياة زوجته وحاولت ان تسترضيه مرارا وتكرارا ولكن هيهات ان يعود اليها فقد قرر ان يتخلص منها ويبدأ حياة جديدة مع هذه الفاتنة ، ولم ينجح والداه فى إثناءه عما عزم عليه، وفى يوم الانفصال ترجتهه زوجته بألا يكون قاسيا معها ويلفظها هى وابنها خارج البيت ويتركها ترعى وليدها وتعهدت له بألا تزعجه بأى صورة ، ولكنه كان قاسيا معها وأخبرها أنه سيتزوج فى هذه الشقة الباهظة الثمن وعليها ان تبحث عن شقة ايجار جديد وسيرسل اليها نفقة شهرية تغطى مصاريفها هى ووليدها ، استقبلت كلامه بدموع منهمرة ورفضت تنفيذ كل من أشاروا عليها بمقاضاته لانها حاضنة وشقة الزوجية من حقها وردت عليهم وعلى أهلها كلهم بجملة : مقدرش أقف قدامه فى محاكم ، ده أبو ابنى . دموعها لم تجد اى صدى لديه بل كان مكابرا متجبرا طالبا منها سرعة الانتهاء من ترك المنزل كى ينتهي من تأسيسه من جديد ليليق بالزوجة القادمة ، من بين دموعها دعت عليه بأن يريها الله فيه مافعله معها وان يذوق طعم الألم الذى أذاقه لها .
مضت الأيام والشهور وعام كامل كان حريصا ان يرسل اليها ماتم الاتفاق عليه ماديا ، وبعدها اصبح يتأخر وبعدها امتنع نهائيا بحجة ان البيت الجديد يلتهم كل مايحصل عليه من عمله .
فى بادى ء الأمر حزنت على سلوكه المشين ولكنها طوت صفحته نهائيا وتقدمت الى احدى الشركات بمؤهلها الجامعى كمهندسة فى تكنولوجيا المعلومات واستلمت وظيفتها ، وفى فترة وجيزة اثبتت كفاءتها وتفوقها وحب الكل لها .
ارتقت فى الشركة وتزوجت من مالكها الذى عوضها عن مأساة الزوج الغادر ، وكان محبا لابنها لدرجة انه كان يناديه ببابا .
لم تكن تتابع أخباره الى ان جاء ابوه وأخوه الأكبر الى بيت أهلها يطلبان رؤيتها وكانت فى هذا اليوم تزور أهلها ، طلبا منها ان توافق على رؤية زوجها السابق لانه يريد ان يطلب منها شيئا ما لايريد اطلاع أى أحد عليه سواها .
رفضها كان سريعا ومع إلحاحهم قالت لهم يأتي هنا الى بيت أبى وحينها بكى والده وهو يخبرها بأن ابنه صار مقعدا فقد أصيب بارتفاع حاد فى الضغط تسبب بجلطة فى المخ تركته بلا حركة ولا صوت .
لا تنكر حينها انها كانت تريد الركوع لله شكرا على انه اقتص منه ولكنها تراجعت وتذكرت انها كانت تريد ان يذوق ماأذاقها وليس ان يصبح بعيدا ؛ فى هدوء أبلغتهم رفضها الذهاب اليه ولم تطلعهم على زواجها وحياتها الجديدة فقد ادركت انهم غير متابعين لحياتها وغير مهتمين بحفيدهم وأنهم جاءوا فقط من اجل ابنهم وأخيهم . الوقت يمضى والكل يدعو له بالتعافي وهو يبتسم ويقول بينه وبين نفسه : اجيبت دعوتها وذقت المر ورأيت بعينى الغدر والخيانة وطردت من شقتى ، الا يكفى كل هذا ياربى كى تسامحنى وتجعلها تنسى وتعود لي….