كانت صباح فتاة ماردة فى كل شىء جمالها ، تشكيلها الجسمانى ، عقلها الذى يخطط لكل شىء بعيد كل البعد عن بيئتها الريفية الفقيرة ..فى واحدة من قرى محافظة الشرقية كانت نشأة صباح ابنة لاسرة كبيرة العدد ابويها اكل الزمن وشرب من صحتيهما وارتوى وشبع . اتمت تعليمها الثانوى التجارى وهى تعلم انها لن تكمل حياتها فى هذه القرية ولن تعيش مثل اهلها راضية بالفقر مستأنسة بالمعاناة ، رفضت كل من تقدم اليها لانهم سيعيدونها الى مربع الفقر وتكرار مأساة امها واخوتها .
لاقت الامرين من اخوتها وابيها كلما رفضت عريسا يرونه لن يكلفهم شيئا فى جهازهم ، لم يكن احدا فى صفها سوى امها التى كانت سرها ونجواها ، قالت لامها انا لن اتزوج فقيرا انا اريده غنيا ينتشلنى من هذه الحياة !!
ضحكت امها وقالت : الغنى بتجوز غنية تزيده غنى وتزداد بيه وبغناه والفقير هيجوز مين غير واحده على اده واد توبه ، لم تقتنع صباح بكلام امها واعدت عدتها وقررت ان تنزل مصر كما يصفون القاهرة ، قالت لاسرتها انها فازت فى مسابقة للعمل فى مكان راقى وستتقاضى راتبا كبيرا ينقذهم من فقرهم ووافقوا كلهم فرحين مهللين ولم يسألوا عن التفاصيل ، اعطتها امها اسورتها وحلقا وكردان ميراثها من امها ، بكت صباح ووعدت امها بأن ترده بالالماظ .
فى اول يوم لها فى قاهرة المعز رأت الرجال يسيل لعابهم عليها والكل يسعى للفت انتباهها ، استغلت هذا الاعجاب فى الحصول على مسكن بمقابل زهيد لانها رأت فى تظراتهم انهم يدخرون الجزاء الاعظم فى التمتع بها وهو مااعتبرته بعيد المنال لانها من بيت فقير ولكنه شريف .
صممت صفحة لها على الفيس بوك كتبت فيها انها صاحبة شركة للانتاج الفنى ودعمت الصفحة بصور لها التقطها لها فنان شهير فى جلسة فوتو سيشن دفعت فيها ثمن اسورة امها. صارت خطتها بنجاح فقد لاقت قبولا واعجابا كبيرين واتصالات على الخاص والعام حتى جاءها ماتسعى اليه ملحن كبير سنا ومكانة يطلب رؤيتها للتعاون الفنى وبعد دلال منها وتأخير فى تحديد المواعيد لان جدول اعمال شركتها مزدحم وافقت وذهبت اليه فى شقته الفخيمة فى الدقى وحينما نظرت فى ارجاء الشقة الواسعة الكبيرة المليئة بالتحف والاثريات قالت بينها وبين نفسها ستكون هذه الشقة ملكى .
وقد كان فقد وقع الفنان الكبير فى حبها ولم يستطع ان يقاوم جمالها وصدقها فى كل ماقالته وسلم لها نفسه وامواله وتزوجها واصبحت سيدة مجتمع واغدقت على اهلها من الخير الذى نالته وصاروا يطوفون حولها شاكرين صنيعها . انجبت وثار الشك حولها كيف لهذا الكهل ان ينجب وقد تخطى السبعين وتزوج قبلها كثيرا ولم ينجب الا ابنا واحدا من زوجته الاولى وكان حينها فى العشرينات ، لم تكترث لما يقولونه فقد كانت تخطط للمزيد من الثراء مستغلة تعلق زوجها بالمولود الذى كلما كبر ازداد الاب به تعلقا والتصاقا. استطاعت ان تجعله يتنازل لها عن الكثير من ممتلكاته الا هذه الشقة لاسباب تتعلق به وبكونها تمثل حياته كلها فكل جزء فيها له من عمره مكان ومكانة ..
وهنا اشتعلت نارها واعتبرتها حربا واصرت على ان تكون الشقة باسمها وملكا لها ، تحولت حياتهما الى مشاكل مستمرة تطورت لمد الايدى ، وتصاعدت للطلاق ، وتشابكت لحصولها على تمكين فى الشقة لكونها حاضنة، فطفلهما لم يكمل عامه الثانى بعد . همس له احد الاصدقاء بالاستعانة بالحامض النووى او مايعرف بالدى ان ايه للتشكيك فى نسب طفله وطردها من الشقة وهم بأن يفعل ذلك ولكنه وجد ان تاريخه الفنى وعمره سيتأثروا بالفعل من هذه البلبلة ، نظر الى مرآته وضحك مكذبا ان هذا هو السبب الوحيد الذى يجبره على عدم اتخاذ هذه الخطوة فهناك سبب اقوى لايتعلق بحبه لهذه المرأة ولا تعلقه بالمولود المنسوب اليه ، ولكنه يعلم ان الله قد استجاب لدعاء امه عليه لانه لم يكن بارا بها. بكى الفنان ورفع يده الى السماء طالبا من الله ان يجعل امه ترضى عنه وتنسى ماسببه لها من الام ، ووسط دعاءه وابتهاله تأتيه من حجرة طليقته المتمكنة من مسكنه بالقانون ضحكات ماجنة وكأنها ترفض دعواته لغفران امه ورضاءها.