طرقت الباب بعد أن انتصف الليل وأكثر فجرت إليها عمتها وفتحته لها وكلها قلق عن سبب مجيئها فى هذه الساعة المتأخرة . فتحت لها الباب فارتمت فى حضنها تبكى بكاء حارا ، حاولت عمتها أن تهدىء من روعها وسألتها ماذا حدث فأجابت وهى تنتحب زوجى ضربنى وطردنى ولم يترك اولادى يأتوا معى وهددنى بالطلاق إذا لم التزم بتهديداته وأترك البيت ولا أبات فيه تنفيذا لحلفه
طمأنتها عمتها بأنها ستذهب إليه فى الصباح وستأخذ حقها تالت ومتلت كما يقولون فى بلدتهم المنتمية إلى محافظة المنوفية . وفى دقائق أعدت لها عمتها مالذ وطاب وتركتها تأكل كما يحلو لها وقالت لهذا سأكمل نومى والبيت كله لكى نامي فى أى حجرة تحبينها والصباح رباح نشوف هنعمل ايه مع أبو عيالك قليل الاصل .
كانت عمة ايمان سيدة جميلة يحكى عنها وعن جمالها وصباها وتزاحم الخطاب على بيت أبيها فى صغرها حتى وقع الاختيار على أحمد الذى نال الرضا والقبول والحب وتزوجها وعاش معها أكثر من ربع قرن لايفعل شىء سوى ارضاءها وحبها وهى تسعده بحبها له الذى كان يحسدهم عليه أهل البلدة كلها .
انجبت منه سبعة ابناء خمس بنين وبنتان وكلهم تزوجوا وسافر الاولاد إلى ايطاليا منذ صغرهم وتزوجوا ايطاليات واستقروا هناك واسبغوا على ابويهم من النعم ماظهر منها من مصاغ تتزين به أمهم يحسدها عليه أهل البلدة كلهم واطيان يمتلكها أبيهم ويظهر بها سلطانه وعلو شأنه منذ سفر اولاده وحتى وفاته بعد عمر طويل عاشه مع سيدة الدار كما كان يحلو له أن يناديها .
فى الغرفة التى تظاهرت فيها أيمان بالنوم انطلق منها الصراخ فى صباح اليوم التالي تعلن وهى تصرخ وتلطم خدودها وتشق جيوبها وفاة عمتها ويشك الطبيب بالوفاة ويرفض استخراج تصريح الدفن ويطلب البوليس وتؤخذ جثة العمة الطيبة إلى المشرحة مصحوبة ببكاء بنتيها واحفادها .
وبعد يومين يصرح بدفن الجثة مع التأكيد بأنها ماتت مقتولة بمبيد حشرى .
الكل حزين على العمة الطيبة ولا احد يعلم من يفعل بها ذلك فهى كانت كريمة ، معطاءة مع الكل .
ينتشر رجال المباحث فى كافة انحاء المدينة ويجمعوا معلومات عن كل من له صلة بالقتيلة ويعقب ذلك أمر إحضار لإيمان ومواجهتها بانها القاتلة ويطلعها المحقق بأنها قتلت عمتها بمبيد حشرى ظلت ترشه عليها وهى تعلم أنها مريضة ربو ولم تتركها إلا وهى متأكدة من وفاتها ، نفت ايمان ذلك ولكن المحقق واجهها بصاحب المحل الذى اشترت منه العبوة وانه متأكد انها من اشترتها لأنها اشترتها فى الشتاء وقلما يشترى احد عبوات مبيد حشرى فى موسم الشتاء فالكل يشتريها فى الصيف لانتشار الحشرات وهذا مالفت انتباهه عندما اشترتها منه وايضا توقيت شراءها فى اخر ساعات الليل التى كانت اخر ساعات عمر عمتها
انهارت ايمان واعترفت أن زوجها فى ضيقة مادية وأنه طلب منها أن تساعده وتطلب من عمتها نقودا كما اعتادت أن تفعل طوال عمرها ولم تتأخر عنها أبدا ولكن هذه المرة كان المبلغ كبير وفكرت إيمان بأان عمتها لديها من الذهب فى يديها فقط مايجعل ايمان وزوجها وربما عائلتها كلها تعيش فى أغنى احوالها ؛ واكدت للمحقق وهى تبكى منهارة أنها لم تكن تريد قتلها كانت فقط تريد أن تصيبها بالاغماء وتأخذ بعضا من حليها ولكن أحفاد عمتها طرقوا الباب فجرا لكى يستعدوا للسفر معها إلى القاهرة كما وعدتهم ، وعندما واصلوا الطرق على الباب شعرت إيمان بالخوف من كشف أمرها فكثفت من رش المبيد على أنف عمتها التى لم تستطع المقاومة وخرت صريعة ..
عندما اقتادوا ايمان لتنفيذ حكم الاعدام أوصت ابناء عمتها بابناءها خيرا وبعدم اخذهم بذنبها ..